Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 17-20)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى عن عبده وسوله ( داود ) عليه الصلاة والسلام أنه كان ذا أيد ، و ( الأيد ) القوة في العلم والعمل ، قال ابن عباس : الأيد القوة ، وقرأ ابن زيد : { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } [ الذاريات : 47 ] وقال مجاهد : الأيد ، القوة في الطاعة . وقال قتادة : أعطي داود عليه الصلاة والسلام قوة في العبادة وفقهاً في الإسلام ، وقد ذكر لنا أنه عليه الصلاة والسلام كان يقوم ثلث الليل ، ويصوم نصف الدهر ، وهذا ثابت في " الصحيحين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله عزّ وجلّ صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه وينام سدسه ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا يفر إذا لاقى " ، وإنه كان ( أوَّاباً ) وهو الرجَّاع إلى الله عزّ وجلّ في جميع أموره وشؤونه ، وقوله تعالى : { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } أي أنه تعالى سخر الجبال تسبّح معه عند إشراق الشمس وآخر النهار ، كما قال عزّ وجلّ : { يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ } [ سبأ : 10 ] وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه وترجّع بترجيعه ، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء ، فسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور لا يستطيع الذهاب بل يقف في الهواء ، ويسبح معه وتجيبه الجبال الشامخات ترجّع معه وتسبح تبعاً له . ولهذا قال عزَّ وجلَّ : { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً } أي محبوسة في الهواء { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } أي مطيع يسبح تبعاً له ، قال سعيد بن جبير وقتادة { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } أي مطيع ، وقوله تعالى : { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } أي جعلنا له ملكاً كاملاً من جميع ما يحتاج إليه الملوك ، قال مجاهد : كان أشد أهل الدنيا سلطاناً ، وقال السدي : كان يحرسه كل يوم أربعة آلاف ، وقوله جلّ وعلا : { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ } قال مجاهد : يعني الفهم والعقل والفطنة ، وعنه : { ٱلْحِكْمَةَ } العدل ، وقال قتادة : كتاب الله واتباع ما فيه ، وقال السدي : { ٱلْحِكْمَةَ } النبوة ، وقوله جلّ جلاله : { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } قال شريح القاضي والشعبي : فصل الخطاب : الشهود والأيمان ، وقال قتادة : شاهدان على المدعي أو يمين المدعى عليه ، وقال مجاهد والسدي : هو إصابة القضاء وفهم ذلك ، وقال مجاهد أيضاً : هو الفصل في الكلام وفي الحكم ، وهذا يشمل كل ذلك ، وهو المراد واختاره ابن جرير ، وعن أبي موسى رضي الله عنه ، أول من قال : ( أما بعد ) داود عليه السلام ، وهو فصل الخطاب ، وكذا قال الشعبي : فصل الخطاب : أما بعد .