Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 23-23)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا مدح من الله عزَّ وجلَّ لكتابه ( القرآن الكريم ) المنزل على رسوله الكريم . قال الله تعالى : { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } قال مجاهد : يعني القرآن كله متشابه مثاني ، وقال قتادة : الآية تشبه الآية ، والحرف يشبه الحرف ، وقال الضحاك { مَّثَانِيَ } ترديد القول ليفهموا عن ربهم تبارك وتعالى ، وقال عبد الرحمٰن بن زيد { مَّثَانِيَ } مردَّد ، ردد موسى في القرآن وصالح وهود والأنبياء عليهم الصلاة والسلام في أمكنة كثيرة ، وقال ابن عباس { مَّثَانِيَ } أي القرآن يشبه بعضه بعضاً ويُرَدُّ بعضه على بعض . وقوله تعالى : { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي هذه صفة الأبرار ، عند سماع كلام الجبار ، المهيمن العزيز الغفار ، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد ، والتخويف والتهديد ، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف ، { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } ، لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه ، فهم مخالفون لغيرهم من الفجار من وجوه : أحدها : أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات ، وسماع أولئك نغمات الأبيات من أصوات القينات . الثاني : أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن { خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } [ مريم : 58 ] بأدب وخشية ، ورجاء ومحبة ، وفهم وعلم ، كما قال تبارك وتعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } [ الفرقان : 73 ] أي لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها بل مصغين إليها ، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم الثالث : أنهم يلزمون الأدب عند سماعها ، كما كان الصحابة رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله تعالى تقشعر جلودهم ، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله ، لم يكونوا يتصارخون ، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ، ما لا يلحقهم أحد في ذلك ، تلا قتادة رحمه الله : { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } قال : هذا نعت أولياء الله ، نعتهم الله عزّ وجلّ بأن تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم ، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم ، والغشيان عليهم ، إنما هذا في أهل البدع ، وهذا من الشيطان ، وقال السدي { إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي إلى وعد الله ، وقوله : { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } [ الأنعام : 88 ] أي هذه صفة من هداه الله ، ومن كان على خلاف ذلك ، فهو ممن أضله الله { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } .