Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 12-12)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : ولكم أيها الرجال نصف ما ترك أزواجكم إذا متن عن غير ولد ، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد الوصية أو الدين ، وقد تقدم أن الدين مقدم على الوصية ، وبعده الوصية ثم الميراث ، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء وحكم أولاد البنين وإن سفلوا حكم أولاد الصلب ، ثم قال : { وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ } إلى آخره ، وسواء في الربع أو الثمن الزوجة والزوجتان الاثنتان ، والثلاث والأربع يشتركن فيه . وقوله : { مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ } إلخ . الكلام عليه كما تقدم . وقوله تعالى : { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً } الكلالة : مشتقة من الإكليل ، وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه ، والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه ، كما روى الشعبي عن أبي بكر الصديق أنه سئل عن الكلالة فقال : أقول فيها برأيي فإن يكن صواباً فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه : الكلالة من لا ولد له ولا والد . فلما ولي عمر قال : إني لأستحي أن أخالف أبا بكر في رأي رآه ، كذا رواه ابن جرير وغيره ، وهو قول الأئمة الأربعة وجمهور السلف والخلف وقد حكى الإجماع عليه غير واحد . وقوله تعالى : { وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } أي من أم كما هو في قراءة ( سعد بن أبي وقاص ) . وكذا فسرها أبو بكر الصديق : { فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ } وإخوة الأم يخالفون بقية الورثة من وجوه : ( أحدها ) أنهم يرثون مع من أدلوا به وهي الأم ، ( والثاني ) أن ذكورهم وإناثهم في الميراث سواء ، ( والثالث ) لا يرثون إلا إن كان ميتهم يورث كلالة فلا يرثون مع أب ولا جد ولا ولد ولا ولد ابن ، ( الرابع ) أنهم لا يزادون على الثلث وإن كثر ذكورهم وإناثهم ، قضى عمر أن ميراث الأخوة من الأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثى ، قال الزهري : ولا أرى عمر قضى بذلك حتى علم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الآية هي التي قال الله تعالى فيها : { فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ } واختلف العلماء في المسألة المشتركة وهي ( زوج وأم أو جدة واثنان من ولد الأم وواحد أو أكثر من ولد الأبوين ) ، فعلى قول الجمهور للزوج النصف ، وللأم أو الجدة السدس ، ولولد الأم الثلث ويشاركهم فيه ولد الأب والأم بما بينهم من القدر المشترك وهو إخوة الأم ، وقد وقعت هذه المسألة في زمان أمير المؤمنين عمر فأعطى الزوج النصف والأم السدس ، وجعل الثلث لأولاد الأم فقال له أولاد الأبوين : يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حماراً ألسنا من أم واحدة ؟ فشرّك بينهم وهو مذهب مالك والشافعي . وكان علي بن أبي طالب لا يشرّك بينهم ، بل يجعل الثلث لأولاد الأم ، ولا شيء لأولاد الأبوين ، والحالة هذه لأنهم عصبة ، وقال وكيع بن الجراح : لم يُخْتلف عنه في ذلك ، وهذا قول أبي بن كعب ، وأبي موسى الأشعري وهو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد ، واختاره أبو الحسن بن اللبان الفرضي رحمه الله في كتاب الإيجاز . وقوله : { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ } أي لتكن وصيته على العدل لا على الإضرار والجور والحيف ، بأن يحرم بعض الورثة أو ينقصه ، أو يزيده على ما فرض الله له من الفريضة ، فمن سعى في ذلك كان كمن ضاد الله في حكمه وشرعه ، ولهذا قال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإضرار في الوصية من الكبائر " ورواه ابن جرير عن ابن عباس موقوفاً ، قال : والصحيح الموقوف ، ولهذا اختلف الأئمة في الإقرار للوارث هل هو صحيح أم لا ؟ على قولين ( أحدهما ) : لا يصح لأنه مظنة التهمة ، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " ، وهذا مذهب مالك وأحمد بن حنبل وأبي حنيفة والقول القديم للشافعي رحمهم الله ، وذهب في الجديد إلى أنه يصح الإقرار ، وهو مذهب طاوس وعطاء وهو اختيار البخاري في صحيحه ، واحتج بأن رافع بن خديج أوصى أن لا تكشف الفزارية عما أغلق عليه بابها قال : وقال بعض الناس : لا يجوز إقراره لسوء الظن بالورثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " ، وقال الله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } [ النساء : 58 ] فلم يخص وارثاً ولا غيره ، انتهى ما ذكره . فمتى كان الإقرار صحيحاً مطابقاً لما في نفس الأمر ، جرى فيه هذا الخلاف ، ومتى كان حيلة ووسيلة إلى زيادة بعض الورثة ونقصان بعضهم فهو حرام بالإجماع وبنص هذه الآية الكريمة : { غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } .