Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 44-46)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، أنهم يشترون الضلالة بالهدى ، ويعرضون عما أنزل الله على رسوله ، ويتركون ما بأيديهم من العلم عن الأنبياء الأولين في صفة محمد صلى الله عليه وسلم ليشتروا به ثمناً قليلاً من حطام الدنيا { وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } أي يودون لو تكفرون بما أنزل عليكم أيها المؤمنون ، وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النافع ، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ } أي : هو أعلم بهم ويحذركم منهم ، { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً } أي : كفى به ولياً لمن لجأ إليه ونصيراً لمن استنصره ، ثم قال تعالى : { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } " من " في هذا لبيان الجنس كقوله : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [ الحج : 30 ] ، وقوله : { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } أي : يتأولونه على غير تأويله ، ويفسرونه بغير مراد الله عزَّ وجلَّ قصداً منهم وافتراء ، { وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا } أي : سمعنا ما قلته يا محمد ، ولا نطيعك فيه … هكذا فسره مجاهد وهو المراد ، وهذا أبلغ في كفرهم وعنادهم ، وأنهم يتولون عن كتاب الله بعدما عقلوه وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة . وقولهم : { وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ } أي : اسمع ما نقول لا سمعت ، رواه ابن عباس ، وقال مجاهد والحسن : واسمع غير مقبول منك ، قال ابن جرير : والأول أصح وهو كما قال ، وهذا استهزاء منهم واستهتار ، عليهم لعنة الله { وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ٱلدِّينِ } أي : يوهمون أنهم يقولون راعنا سمعك بقولهم راعنا ، وإنما يريدون الرعونة بسبهم النبي ، وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله : { يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا } [ البقرة : 104 ] ، ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه : { لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ٱلدِّينِ } يعني : بسبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱسْمَعْ وَٱنْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي : قلوبهم مطرودة عن الخير مبعدة منه فلا يدخلها من الإيمان شيء نافع لهم ، وقد تقدم الكلام على قوله تعالى : { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } [ البقرة : 88 ] ، والمقصود أنهم لا يؤمنون إيماناً نافعاً .