Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 59-59)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال البخاري عن ابن عباس : { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } ، قال نزلت : في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، وقال الإمام أحمد عن علي قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار ، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء قال ، فقال لهم : أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى ، قال : فاجمعوا لي حطباً ، ثم دعا بنار فأضرمها فيه ، ثم قال : عزمت عليكم لتدخلنها ، قال ، فقال لهم شاب منهم : إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار ، فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها ، قال : فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فقال لهم : " لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً ، إنما الطاعة في المعروف " وعن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " وعن عبادة بن الصامت قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، قال : " إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان " وفي الحديث الآخر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اسمعوا وأطيعوا ، وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة " رواه البخاري ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : " أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدوع الأطراف " رواه مسلم . وروى ابن جرير عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سيليكم ولاة بعدي فيليكم البر ببره ، والفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلّوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم ، وإن أساءوا فلكم وعليهم " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون " . قالوا ، يا رسول الله : فما تأمرنا ؟ قال : " أوفوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم " أخرجاه ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رأى من أميره شيئاً فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية " أخرجاه ، وعن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " رواه مسلم . وروى مسلم أيضاً عن عبد الرحمٰن بن عبد رب الكعبة قال : دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس حوله مجتمعون عليه ، فأتيتهم فجلست إليه فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فمن من يصلح خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة ! فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه لم يكن نبي من قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن هذه الأمة جعلت عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء ، وأمور ينكرونها ، وتجيء فتن يُرَقِّقُ بعضها بعضاً ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة فؤاده فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ، قال فدنوت منه فقلت : أنشدك بالله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيده وقال : سمعته أذناي ، ووعاه قلبي ، فقلت له : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ، ويقتل بعضاً بعضاً ، والله تعالى يقول : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } [ النساء : 29 ] قال فسكت ساعة ثم قال : أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله ، والأحاديث في هذا كثيرة . وقال ابن عباس : { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } يعني أهل الفقه والدين ، وكذا قال مجاهد وعطاء { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } يعني العلماء ، والظاهر - والله أعلم - أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء كما تقدم ، وقال تعالى : { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ } [ المائدة : 63 ] ، وقال تعالى : { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل : 43 ] ، وفي الحديث الصحيح المتفق على صحته عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصا أميري فقد عصاني " ، فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء ، ولهذا قال تعالى : { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } أي اتبعوا كتابه ، { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } أي خذوا بسنته ، { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } أي فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله كما تقدم في الحديث الصحيح : " إنما الطاعة في المعروف " . وقال الإمام أحمد عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا طاعة في معصية الله " . وقوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ } قال مجاهد : أي إلى كتاب الله وسنّة رسوله ، وهذا أمر من الله عزَّ وجلَّ بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنّة كما قال تعالى : { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ } [ الشورى : 10 ] ، فما حكم به الكتاب والسنّة وشهدا له بالصحة فهو الحق ، وماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ ولهذا قال تعالى : { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنَّة رسوله ، فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ، فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنّة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر ، وقوله : { ذٰلِكَ خَيْرٌ } أي التحاكم إلى كتاب الله وسنّة رسوله ، والرجوع إليهما في فصل النزاع خير { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } ، أي وأحسن عاقبة ومآلاً كما قاله السدي وقال مجاهد : وأحسن جزاء ، وهو قريب .