Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 33-36)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول عزّ وجلّ : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } أي دعا عباد الله إليه { وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي وهو في نفسه مهتد فنفعه لنفسه ولغيره ، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه ، بل يأتمر بالخير ويترك الشر ، وهذه عامة في كل من دعا إلى خير ، وهو في نفسه مهتد ، وقيل : المراد بها المؤذنون الصلحاء ، كما ثبت في " صحيح مسلم " : " " المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة " ، وقال عمر رضي الله عنه : لو كنت مؤذناً لكمل أمري ، وما باليت أن لا أنتصب لقيام الليل ولا لصيام النهار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم اغفر للمؤذنين " ثلاثاً ، قال : فقلت : يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف ، قال صلى الله عليه وسلم : " كلا يا عمر ، إنه سيأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم ، وتلك لحوم حرمها الله عزّ وجلّ على النار لحوم المؤذنين " . وقالت عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } قالت : فهو المؤذن إذا قال : حي على الصلاة فقد دعا إلى الله ، وهكذا قال ابن عمر رضي الله عنهما وعكرمة : إنها نزلت في المؤذنين ، والصَّحيح أن الآية عامة في المؤذنين وفي غيرهم ، فأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الأذان مشروعاً بالكلية ، لأنها مكية ، والأذان إنما شرع بالمدينة بعد الهجرة ، وقوله تعالى : { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ } أي فرق عظيم بين هذه وهذه ، { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه ، كما قال عمر رضي الله عنه : ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه . وقوله عزَّ وجلَّ : { فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } وهو الصديق أي إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك حتى يصير { كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } أي قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك ، ثم قال عزَّ جلَّ : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك ، فإنه يشق على النفوس ، { وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة ، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة ، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم ، وقوله تعالى : { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } أي أن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه ، فأما شيطان الجن فإنه لا حلية فيه إذا وسوس ، إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه عليك ، فإذا استعذت بالله والْتَجَأْت إليه ، كفه عنك ، ورَدّ كيده ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يقول : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " .