Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 21-25)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مسلياً لنبيّه صلى الله عليه وسلم ، في تكذيب من كذبه من قومه { وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ } وهو ( هود ) عليه الصلاة والسلام . بعثه الله عزَّ وجلَّ إلى عاد الأولى ، وكانوا يسكنون الأحقاف ، جمع حِقْف ، وهو الجبل من الرمل وقال عكرمة : الأحقاف : الجبل والغار ، وقال قتادة ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشِّحْر ، وقوله تعالى : { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } ، يعني وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين ، كقوله عزّ وجلّ : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } [ فصلت : 13 - 14 ] { إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين { أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا } ؟ أي لتصدنا عن آلهتنا ، { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } استعجلوا عذاب الله وعقوبته ، استبعاداً منهم وقوعه ، كقوله جلَّت عظمته : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } [ الشورى : 18 ] ، { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ } أي الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم ، وأما أنا فمن شأني أن أبلغكم ما أرسلت به { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } أي لا تعقلون ولا تفهمون ، قال الله تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي لما رأوا العذاب مستقبلهم ، اعتقدوا أنه عارض ممطر ففرحوا واستبشروا به ، وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر ، قال الله تعالى : { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي هو العذاب الذي قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، { تُدَمِّرُ } أي تخرب { كُلَّ شَيْءٍ } من بلادهم مما من شأنه الخراب ، { بِأَمْرِ رَبِّهَا } أي بإذن الله لها في ذلك ، كقوله سبحانه وتعالى : { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } [ الذاريات : 42 ] أي كالشيء البالي ، ولهذا قال عزّ وجلّ : { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } أي قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية ، { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي هذا حكمنا فيمن كذَّب رسلنا وخالف أمرنا . يروى أن عاداً قحطوا فبعثوا وفداً يقال له ( قيل ) فمر بمعاوية بن بكر ، فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر ، وتغنيه جاريتان ، يقال لهما الجرادتان ، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة ، فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيه ، فمرت به سحابات سود ، فنودي منها اختر ، فأومأ إلى سحابة سوداء ، فنودي منها خذها رماداً رمدداً ، لا تبقي من عاد أحداً ، فما أرسل عليهم من الريح إلاّ قدر ما يجري في الخاتم حتى هلكوا ، قال أبو وائل : وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم ، قالوا : لا تكن كوافد عاد ، وروى الإمام أحمد ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم . وقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه . قالت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عُذَّب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب وقالوا هذا عارض ممطرنا " " وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به " ، قالت : وإذا تخبَّلت السماء تغير لونه ، وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر ، وإذا أمطرت سري عنه ، فعرفت ذلك عائشة رضي الله عنها ، فسألته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } " ، وقد ذكرنا قصة هلاك قوم عاد في سورة الأعراف وهود بما أغنى عن إعادته هٰهنا ، ولله الحمد والمنة .