Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 35-43)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا المقام في إثبات الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، فقال تعالى : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } ؟ أي أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم ؟ أي لا هذا ولا هذا ، بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم ، بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً ، روى البخاري ، عن جبير بن مطعم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور ، فلما بلغ هذه الآية : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } ؟ كاد قلبي أن يطير . ثم قال تعالى : { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } ؟ أي أهم خلقوا السماوات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له ، { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } ؟ أي أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } أي المحاسبون للخلائق ، بل الله عزّ وجلّ هو المالك المتصرف الفعال لما يريد . وقوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } ؟ أي مرقاة إلى الملأ الأعلى ، { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة . على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال ، ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات ، واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث ، وقد جعلوا الملائكة بنات الله وعبدوهم مع الله فقال : { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } ؟ ! وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً } ؟ أي أجرة على إبلاغك إياهم رسالة الله ، أي لست تسألهم على ذلك شيئاً ، { فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ، ويثقلهم ويشق عليهم . { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب إلا الله ، { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً * فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } ، يقول تعالى : أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول ، وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه ، فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم ، فالذين كفروا هم المكيدون ، { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله . ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ، ويشركون ، فقال : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } .