Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 9-17)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { كَذَّبَتْ } قبل قومك يا محمد { قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } أي صرحوا له بالتكذيب واتهموه بالجنون ، { وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ } قال مجاهد : أي استطير جنوناً ، وقيل : { وَٱزْدُجِرَ } أي انتهروه وزجروه وتواعدوه ، { لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ } [ الشعراء : 116 ] قاله ابن زيد وهذا متوجه حسن ، { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } أي إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم فانتصر أنت لدينك ، قال الله تعالى : { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } وهو الكثير ، { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } أي نبعت جميع أرجاء الأرض حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيوناً ، { فَالْتَقَى ٱلمَآءُ } أي من السماء والأرض { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } أي أمر مقدر . قال ابن عباس : { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } كثير لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده إلا من السحاب ، فتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم ، فالتقى الماءان على أمر قد قدر ، { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } قال ابن عباس : هي المسامير ، وقال مجاهد : الدسر أضلاع السفينة ، وقال عكرمة والحسن : هو صدرها الذي يضرب به الموج . وقال الضحّاك : الدسر طرفاها وأصلها ، وقال العوفي ، عن ابن عباس : هو كلكلها أي صدرها ، وقوله : { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } أي بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا { جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } أي جزاء لهم على كفرهم بالله ، وانتصاراً لنوح عليه السلام ، وقوله تعالى : { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً } قال قتادة : أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة ، والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن كقوله تعالى : { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [ يس : 41 ] ، وقال تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } [ الحاقة : 11 ] ، ولهذا قال هٰهنا : { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } أي فهل من يتذكر ويتعظ ؟ وقوله تعالى : { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } أي كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي ولم يتعظ بما جاءت به نذري ، وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر ، { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس ، كما قال : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [ ص : 29 ] ، وقال تعالى : { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } [ مريم : 97 ] ، قال مجاهد : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } يعني هوّنّا قراءته ، وقال السدي : يسرنا تلاوته على الألسن ، وقال ابن عباس : لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عزّ وجلّ ، وقوله : { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه ؟ وقال القرظي : فهل من منزجر عن المعاصي ؟ وروى ابن أبي حاتم ، عن مطر الوراق في قوله تعالى : { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } هل من طالب علم فيعان عليه .