Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 104-105)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
البصائر : هي البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، { فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ } كقوله : { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [ يونس : 108 ] ، ولهذا قال : { وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا } لما ذكر البصائر قال : { وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا } أي إنما يعود وباله عليه ، كقوله : { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [ الحج : 46 ] ، { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } أي بحافظ ولا رقيب ، بل إنما أنا مبلغ والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، وقوله : { وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } أي فصلنا الآيات في هذه السورة من بيان التوحيد وأنه لا إله إلا هو ، هكذا نوضح الآيات ونفسرها ونبينها في كل موطن لجهالة الجاهلين ، وليقول المشركون والكافرون المكذبون دارست يا محمد من قبلك من أهل الكتاب ، وقارأتهم ، وتعلمت منهم . روي عن عمرو بن كيسان قال : سمعت ابن عباس يقول : دارست : تلوت خاصمت جادلت ، وهذا كقوله تعالى إخباراً عن كذبهم وعنادهم : { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا } [ الفرقان : 5 ] الآية ، وقال تعالى إخباراً عن زعيمهم وكاذبهم { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } [ المدثر : 18 - 20 ] ، وقوله : { وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ولنوضحه لقوم يعلمون الحق فيتبعونه ، والباطل فيجتنبونه ، فلله تعالى الحكمة البالغة في إضلال أولئك وبيان الحق لهؤلاء ، كقوله تعالى : { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً } [ البقرة : 26 ] الآية ، وكقوله : { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ … وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الحج : 53 - 54 ] . وقال تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } [ المدثر : 31 ] ، وقال : { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } [ الإسراء : 82 ] ، وقال تعالى : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } [ فصلت : 44 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى أنزل القرآن هدى للمتقين وأنه يضل به من يشاء ويهدي به من يشاء ، ولهذا قال ها هنا : { وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ، وقرأ بعضهم { درسْتَ } أي قرأت وتعلمت ، قال الحسن { وَلِيَقُولُواْ دَرَسَتْ } يقول : تقادمت وانمحت ، وقال عبد الرزاق إن صبياناً يقرأون { دارست } وإنما هي : درست . وقال شعبة هي في قراءة ابن مسعود : دَرَسَت ، يعني بغير ألف بنصب السين ووقف على التاء ، قال ابن جرير ومعناه : انمحت وتقادمت ، أي أن هذا الذي تتلوه علينا قد مر بنا قديماً وتطاولت مدته .