Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 112-113)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : وكما جعلنا لك يا محمد أعداء يخالفونك ويعادونك ويعاندونك ، جعلنا لكل نبي من قبلك أيضاً أعداء فلا يحزنك ذلك ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ } [ الأنعام : 34 ] الآية ، وقال تعالى : { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } [ فصلت : 43 ] ، وقال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الفرقان : 31 ] الآية . وقال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلاَّ عودي " ، والشيطان كل من خرج عن نظيره بالشر ، ولا يعادي الرسل إلاّ الشياطين من هؤلاء وهؤلاء قبحهم الله ولعنهم ، قال عبد الرزاق عن قتادة في قوله : { شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } قال : من الجن شياطين ، ومن الإنس شياطين ، يوحي بعضهم إلى بعض . قال قتادة : " وبلغني أن أبا ذر كان يوماً يصلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تعوذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن " فقال : أو إن من الإنس شياطين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " وقال ابن جرير عن أبي ذر قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس قال ، فقال : " يا أبا ذر هل صليت ؟ قلت : لا ، يا رسول الله . قال : " قم فاركع ركعتين " قال : ثم جئت فجلست إليه ، فقال : " يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس " ؟ قال ، قلت : لا يا رسول الله وهل للإنس من شياطين ؟ قال : " نعم هم شر من شياطين الجن " " . ( طريق أخرى للحديث ) روى ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " يا أبا ذر تعوذت من شياطين الجن والإنس " ؟ قال : يا رسول الله وهل للإنس شياطين ؟ قال : " نعم " { شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } ، فهذه طرق لهذا الحديث ومجموعها يفيد قوته وصحته ، والله أعلم ، وعن عكرمة في قوله : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } قال : للإنس شياطين وللجن شياطين ، فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن ، فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ، وقال السدي عن عكرمة : أما شياطين الإنس فالشياطين التي تضل الإنس ، وشياطين الجن التي تضل الجن ، يلتقيان فيقول كل واحد منهما لصاحبه : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا فأضل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فيعلم بعضهم بعضاً ، وقد روي نحو هذا عن ابن عباس فقال : إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس يضلونهم ، قال : فيلتقي شياطين الإنس وشياطين الجن ، فيقول هذا لهذا : أضلله بكذا ، فهو قوله : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه ، فقال : صدق ، قال الله تعالى : { وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ } [ الأنعام : 121 ] . وقوله تعالى : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } أي يلقي بعضهم إلى بعض القول المزين المزخرف وهو المزوق الذي يغتر سامعه من الجهلة بأمره ، { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } أي وذلك كله بقدر الله وقضائه وإرادته ومشيئته أن يكون لكل نبي عدو من هؤلاء ، { فَذَرْهُمْ } أي فدعهم ، { وَمَا يَفْتَرُونَ } أي يكذبون . أي دع أذاهم وتوكل على الله فإن الله كافيك وناصرك عليهم . وقوله تعالى : { وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ } أي ولتميل إليه قاله ابن عباس ، { أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي قلوبهم وعقولهم وأسماعهم ، وقال السدي : قلوب الكافرين { وَلِيَرْضَوْهُ } أي يحبوه ويريدوه ، وإنما يستجيب لذلك من لا يؤمن بالآخرة ، كما قال تعالى : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 161 - 163 ] ، وقال تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 8 - 9 ] ، وقوله : { وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } ، قال ابن عباس : وليكتسبوا ما هم مكتسبون ، وقال السدي وابن زيد : وليعملوا ما هم عاملون .