Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 130-130)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا أيضاً مما يقرع الله به كافري الجن والإنس يوم القيامة حيث يسألهم وهو أعلم : هل بلغتهم الرسل رسالاته ، وهذا استفهام تقرير ، { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } أي من جملتكم والرسل من الإنس فقط وليس من الجن رسل ، كما قد نص على ذلك مجاهد وابن جريج وغير واحد من الأئمة من السلف والخلف . وقال ابن عباس : الرسل من بني آدم ومن الجن نزر . وحكى ابن جرير عن الضحاك : أنه زعم أن في الجن رسلاً ، واحتج بهذه الآية الكريمة ، وفيه نظر ، لأنها محتملة وليست بصريحة وهي ، والله أعلم ، كقوله : { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } [ الرحمن : 19 - 20 ] ، إلى أن قال : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] ومعلوم أن اللؤلؤ والمرجان إنما يستخرجان من الملح لا من الحلو ، وهذا واضح ولله الحمد . وقد ذكر هذا الجواب بعينه ابن جرير ، والدليل على أن الرسل إنما هم من الإنس قوله تعالى : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } [ النساء : 163 ] . وقوله تعالى عن إبراهيم : { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ } [ العنكبوت : 27 ] فحصر النبوة والكتاب بعد إبراهيم في ذريته ، ولم يقل أحد من الناس إن النبوة كانت في الجن قبل إبراهيم الخليل ثم انقطعت عنهم ببعثته . وقال تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ } [ الفرقان : 20 ] ، وقال : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } [ يوسف : 109 ] ومعلوم أن الجن تبع للإنس في هذا الباب ، ولهذا قال تعالى إخباراً عنهم : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الأحقاف : 29 - 30 ] ، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة : { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا } أي أقررنا أن الرسل قد بلغونا رسالاتك وأنذرونا لقاءك ، وأن هذا اليوم كائن لا محالة . وقال تعالى : { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } أي وقد فرطوا في حياتهم الدنيا وهلكوا بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم للمعجزات ، لما اغتروا به من زخرف الحياة الدنيا وزينتها وشهواتها ، { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } أي يوم القيامة { أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } أي في الدنيا بما جاءتهم به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم .