Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 40-45)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه الفعال لما يريد ، المتصرف في خلقه بما يشاء ، وأنه لا معقب لحكمه ، ولا يقدر أحد على صرف حكمه عن خلقه بل هو وحده لا شريك له ، الذي إذا سئل يجيب لمن يشاء ، ولهذا قال : { قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } أي أتاكم هذا أو هذا { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي لا تدعون غيره لعلمكم أنه لا يقدر أحد على رفع ذلك سواه ، ولهذا قال : { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي في اتخاذكم آلهة معه { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } أي في وقت الضرورة لا تدعون أحداً سواه وستذهب عنكم أصنامكم وأندادكم كقوله : { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } [ الإسراء : 67 ] الآية . وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ } يعني الفقر والضيق في العيش ، { وَٱلضَّرَّآءِ } وهي الأمراض والأسقام والآلام ، { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } أي يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون . قال الله تعالى : { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ } أي فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكوا لدينا ، { وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } أي ما رقت ولا خشعت ، { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } أي من الشرك والمعاندة والمعاصي ، { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } أي أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم ، { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } أي فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون ، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم ، عياذاً بالله من مكره ، ولهذا قال : { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ } أي من الأموال والأولاد والأرزاق { أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } أي على غفلة { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } أي آيسون من كل خير . قال ابن عباس المبلس : الآيس ، وقال الحسن البصري : من وسّع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له ، ومن قتّر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له ، ثم قرأ : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } قال : مكر بالقوم ورب الكعبة ، أعطوا حاجتهم ثم أخذوا . وقال قتادة : بغت القوم أمر الله وما أخذ الله قوماً قط إلاّ عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم ، فلا تغتروا بالله ، فإنه لا يغتر بالله إلاّ القوم الفاسقون . وقال مالك عن الزهري { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } قال : رخاء الدنيا ويسرها ، . وقد قال الإمام أحمد عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } . وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إذا أراد الله بقوم بقاء أو نماء رزقهم القصد والعفاف وإذا اراد الله بقوم اقتطاعاً فتح لهم - أو فتح عليهم - باب خيانة { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } ، كما قال : { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } .