Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 71-73)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال السدي : قال المشركون للمسلمين اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ : { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } أي في الكفر { بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ } فيكون مثلنا مثل الذي استهوته الشياطين في الأرض ، يقول : مثلكم إن كفرتم بعد إيمانكم كمثل رجل خرج مع قوم على الطريق ، فضَّل الطريق ، فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض وأصحابه على الطريق ، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون : ائتنا فإنا على الطريق ، فأبى أن يأتيهم ، فذلك مثل من يتبعهم بعد المعرفة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ومحمد هو الذي يدعو إلى الطريق ، والطريق هو الإسلام . وقال قتادة { ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ } أضلته في الأرض : يعني استهوته سيرته ، كقوله : { تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ } [ إبراهيم : 37 ] ، وقال ابن عباس : هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها ، والدعاة الذين يدعون إلى هدى الله عزَّ وجلَّ ، كمثل رجل ضل عن طريق تائهاً ، إذ ناداه مناد : يا فلان ابن فلان هلم إلى الطريق ، وله أصحاب يدعونه يا فلان هلم إلى الطريق ، فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة ، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق ، يقول : مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت فيستقبل الندامة والهلكة . وقوله تعالى : { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ } هم الغيلان يدعونه باسمه واسم أبيه وجده ، فيتبعها ، وهو يرى أنه في شيء ، فيصبح وقد رمته في هلكة ، وربما أكلته ، أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشاً ، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله عزَّ وجلَّ رواه ابن جرير . وقال مجاهد : { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ } قال : رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق ، وذلك مثل من يضل من بعد أن هدي . وقال العوفي عن ابن عباس : هو الذي لا يستجيب لهدى الله ، وهو رجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وحاد من الحق ، وضل عنه ، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى ، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس { إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } [ آل عمران : 73 ] والضلال ما يدعو إليه الجن ، رواه ابن جرير ، ثم قال : وهذا يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى الضلال ويزعمون أنه هدى ، قال : وهذا خلاف ظاهر الآية ، فإن الله أخبر أنهم يدعونه إلى الهدى ، فغير جائز أن يكون ضلالاً وقد أخبر الله أنه هدى ، وهو كما قال ابن جرير ، فإن السياق يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ، وهو منصوب على الحال أي في حال حيرته وضلاله وجهله وجه المحجة ، وله أصحاب على المحجة سائرون ، فجعلوا يدعونه إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى وتقدير الكلام . فيأبى عليهم ولا يلتفت إليهم ولو شاء الله لهداه ولرد به إلى الطريق ، ولهذا قال : { قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ } كما قال : { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } [ الزمر : 37 ] ، وقال : { إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [ النحل : 37 ] وقوله : { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي نخلص له العبادة وحده لا شريك له { وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَٱتَّقُوهُ } أي وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في جميع الأحوال ، { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي يوم القيامة ، { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي بالعدل فهو خالقهما ومالكهما والمدبر لهما ولمن فيهما ، وقوله : { وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ } يعني يوم القيامة الذي يقول الله كن فيكون عن أمره كلمح البصر أو هو أقرب ، واختلف المفسرون في قوله : { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } ، فقال بعضهم : المراد بالصور هنا جمع صورة أي يوم ينفخ فيها فتحيا . قال ابن جرير كما يقال : سور لسور البلد ، وهو جمع سورة ، والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام ، قال ابن جرير : والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن إسرافيل قد التقم الصور وحتى جبهته متى يؤمر فينفخ " وقال الإمام أحمد عن عبد الله ابن عمرو قال ، " قال أعرابي : يا رسول الله ما الصور ؟ قال : " قرن ينفخ فيه " .