Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 8-11)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى متوعداً لمن خالف أمره ، وكذَّب رسله وسلك غير ما شرعه ، ومخبراً عما حل بالأمم السالفة بسبب ذلك فقال تعالى : { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ } أي تمردت وطغت واستكبرت عن اتباع أمر الله ومتابعة رسله ، { فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً } أي منكراً فظيعاً ، { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا } أي غب مخالفتها وندموا حيث لا ينفعهم الندم ، { وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً * أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } أي في الدار الآخرة مع ما عجّل لهم من العذاب في الدنيا ، ثم قال تعالى بعد ما قص من خبر هؤلاء : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } أي الأفهام المستقيمة لا تكونوا مثلهم فيصيبكم ما أصابهم يا أولي الألباب ، { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي صدقوا بالله ورسله { قَدْ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً } يعني القرآن ، كقوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحجر : 9 ] ، وقوله تعالى : { رَّسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } ، قال بعضهم : { رَّسُولاً } بدل اشتمال ؛ لأن الرسول هو الذي بلغ الذكر ، وقال ابن جرير : الصواب أن الرسول ترجمة عن الذكر يعني تفسيراً له ، ولهذا قال تعالى : { رَّسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } أي في حال كونها بينة واضحة جلية ، { لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } ، كقوله تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ إبراهيم : 1 ] ، وقال تعالى : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] ، أي من ظلمات الكفر والجهل ، إلى نور الإيمان والعلم ، وقد سمى الله تعالى الوحي الذي أنزله { نُوراً } لما يحصل به من الهدى ، كما سماه { رُوحاً } لما يحصل به من حياة القلوب فقال تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] الآية ، وقوله تعالى : { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً } قد تقدم تفسير مثل هذا ولله الحمد والمنة .