Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 1-5)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يُمَجد تعالى نفسه الكريمة ، ويخبر أنه { بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } أي هو المتصرف في جميع المخلوقات ، بما يشاء ، لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل ، لقهره وحكمته وعدله ، ولهذا قال تعالى : { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، ثم قال تعالى : { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } ومعنى الآية أنه أوجد الخلائق من العدم ليبلوهم ، أي يختبرهم أيهم أحسن عملاً ، عن قتادة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله أذل بني آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت ، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء " ، وقوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أي خير عملاً كما قال محمد بن عجلان ، ولم يقل أكثر عملاً ، ثم قال تعالى : { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ } أي هو العزيز العظيم ، المنيع الجناب ، وهو غفور لمن تاب إليه وأناب ، بعد ما عصاه وخالف أمره ، فهو مع ذلك يرحم ويصفح ويتجاوز ، ثم قال تعالى : { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } أي طبقة بعد طبقة ، وقوله تعالى : { مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ } أي ليس فيه اختلاف ولا تنافر ، ولا نقص ولا عيب ولا خلل ، ولهذا قال تعالى : { فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } أي انظر إلى السماء فتأملها ، هل ترى فيها عيباً أو نقصاً أو خللاً أو فطوراً ؟ قال ابن عباس ومجاهد { هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } أي شقوق ، وقال السدي : أي من خروق ، وقال قتادة : أي هل ترى خللاً يا ابن آدم ؟ وقوله تعالى : { ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ } مرتين ، { يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً } قال ابن عباس : ذليلاً ، وقال مجاهد صاغراً ، { وَهُوَ حَسِيرٌ } يعني وهو كليل ، وقال مجاهد : الحسير المنقطع من الإعياء ، ومعنى الآية : إنك لو كررت البصر مهما كررت ، لانقلب إليك أي لرجع إليك البصر { خَاسِئاً } عن أن يرى عيباً أو خللاً ، { وَهُوَ حَسِيرٌ } أي كليل قد انقطع من الإعياء ، من كثرة التكرر ولا يرى نقصاً ، ولما نفى عنها في خلقها النقص ، بيّن كمالها وزينتها فقال : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } وهي الكواكب التي وضعت فيها من السيارات والثوابت ، وقوله تعالى : { وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ } عاد الضمير في قوله { وَجَعَلْنَاهَا } على جنس المصابيح لا على عينها ، لأنه لا يرمى بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم . { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } أي جعلنا للشياطين هذا الخزي في الدنيا ، وأعتدنا لهم عذاب السعير في الأخرى كما قال تعالى : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] قال قتادة : إنما خلقت هذه النجوم لثلاث خصال : خلقها الله زينة للسماء ، ورجوماً للشياطين ، وعلامات يهتدى بها ، فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم له به .