Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 123-126)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عما توعد به فرعون لعنه الله السحرة لما آمنوا بموسى عليه السلام ، وما أظهره للناس من كيده ومكره في قوله : { إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا } أي إن غلبته لكم في يومكم هذا إنما كان عن تشاور منكم ورضا منكم لذلك ، كقوله في الآية الأخرى : { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } [ طه : 71 ] ، وهو يعلم وكل من له لب أن هذا الذي قاله من أبطل الباطل ، فإن موسى عليه السلام بمجرد ما جاء من مدين دعا فرعون إلى الله ، وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صدق ما جاء به ، فعند ذلك أرسل فرعون في مدائن ملكه وسلطنته ، فجمع سحرة متفرقين من سائر الأقاليم ممن اختار وأحضرهم عنده ، ووعدهم بالعطاء الجزيل ، ولهذا قد كانوا من أحرص الناس على التقدم عند فرعون ، وموسى عليه السلام لا يعرف أحداً منهم ولا رآه ولا اجتمع به وفرعون يعلم ذلك ، وإنما قال هذا تستراً وتدليساً على رعاع دولته وجهلتهم ، كما قال تعالى : { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } [ الزخرف : 54 ] فإن قوماً صدقوه في قوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] من أجهل خلق الله وأضلهم . وقوله : { لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا } أي تجتمعوا أنتم وهو وتكون لكم دولة وصولة وتخرجوا منها الأكابر والرؤساء ، وتكون الدولة والتصرف لكم { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي ما أصنع بكم ، ثم فسر هذا الوعيد بقوله : { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } يعني يقطع يده اليمنى ورجله اليسرى أو بالعكس { لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } ، وقال في الآية الأخرى : { فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } [ طه : 71 ] أي على الجذوع ، قال ابن عباس : وكان أول من صلب وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون ، وقول السحرة : { إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } أي قد تحققنا إنا إليه راجعون وعذابه أشد من عذابك ، ونكاله على ما تدعونا إليه اليوم ، وما أكرهتنا عليه من السحر أعظم من نكالك ، فلنصبرن اليوم على عذابك لنخلص من عذاب الله ، ولهذا قالوا : { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } أي عمّنا بالصبر على دينك والثبات عليه ، { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } أي متابعين لنبيك موسى عليه السلام ، وقالوا لفرعون : { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } [ طه : 72 ] ، فكانوا في أول النهار سحرة ، فصاروا في آخره شهداء بررة ، قال ابن عباس : كانوا في أول النهار سحرة وفي آخره شهداء .