Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 168-170)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمماً أي طوائف وفرقاً ، { مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } أي فيهم الصالح وغير ذلك ، كقول الجن : { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } [ الجن : 11 ] ، { وَبَلَوْنَاهُمْ } أي اختبرناهم { بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ } أي بالرخاء والشدة ، والرغبة والرهبة ، والعافية والبلاء { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون } ، قال تعالى : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ ٱلْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } الآية ، يقول تعالى : فخلف من بعد ذلك الجيل الذين فيهم الصالح والطالح خلف آخر لا خير فيهم ، وقد ورثوا دراسة الكتاب وهو التوراة ، وقال مجاهد : هم النصارى ، وقد يكون أعم من ذلك ، { يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } أي يعتاضون عن بذل الحق ونشره بعرض الحياة الدنيا ، ويسوفون أنفسهم ويعدونها بالتوبة ، وكلما لاح لهم مثل الأول وقعوا فيه ، ولهذا قال : { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } . قال مجاهد : لا يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه حلالاً كان أو حراماً ويتمنون المغفرة ، { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } . وقال السدي : كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضياً إلا ارتشى في الحكم ، وإن خيارهم اجتمعوا فأخذ بعضهم على بعض العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا ، فجعل الرجل منهم إذا استقضى ارتشى فيقال له : ما شأنك ترتشي في الحكم ؟ فيقول : سيغفر لي ، فتطعن عليه البقية الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع ، فإذا مات أو نزع وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه فيرتشي ، يقول : وإن يأت الآخرين عرض الدنيا يأخذوه ، قال الله تعالى : { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَاقُ ٱلْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } الآية يقول تعالى منكراً عليهم في صنيعهم هذا مع ما أخذ عليهم من الميثاق ليبينن الحق للناس ولا يكتمونه ، كقوله : { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران : 187 ] الآية ، وقال ابن جريج قال ابن عباس : { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَاقُ ٱلْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقّ } قال : فيما يتمنون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها . وقوله تعالى : { وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } يرغبهم في جزيل ثوابه ويحذرهم من وبيل عقابه ، أي وثوابي وما عندي خير لمن اتقى المحارم ، وترك هوى نفسه ، وأقبل على طاعة ربه ، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ؟ يقول أفليس لهؤلاء الذين اعتاضوا بعرض الدنيا عما عندي عقل يردعهم عما هم فيه من السفه والتبذير ، ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما هو مكتوب فيه ، قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ } أي اعتصموا به واقتدوا بأوامره ، وتركوا زواجره { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ } .