Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 16-17)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس { إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الأعراف : 14 ] واستوثق إبليس بذلك أخذ في المعاندة والتمرد ، فقال : { فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } أي كما أغويتني ، قال ابن عباس : كما أضللتني ، وقال غيره : كما أهلكتني لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه على { صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } أي طريق الحق وسبيل النجاة ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي ، وقال بعض النحاة : الباء هنا قسمية ، كأنه يقول فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم ، قال مجاهد : { صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } يعني الحق ، والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك ، روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه ، فقعد له بطريق الإسلام فقال : أتسلم وتذر دينك ودين آبائك قال فعصاه وأسلم " قال : " وقعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول ، فعصاه وهاجر ، ثم قعد له بطريق الجهاد وهو جهاد النفس والمال ، فقال تقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال ، قال فعصاه وجاهد " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، وإن قتل كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، وإن غرق كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، أو وقصته دابة كان حقاً على الله أن يدخله الجنة " " وقوله : { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } الآية ، قال ابن عباس : { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } أشككهم في آخرتهم { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أرغبهم في دنياهم { وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ } أشبه عليهم أمر دينهم { وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } أشهي لهم المعاصي ، وعنه : أما من بين أيديهم فمن قبل دنياهم ، وأما من خلفهم فأمر آخرتهم ، وأما عن أيمانهم فمن قبل حسناتهم ، وأما عن شمائلهم فمن قبل سيئاتهم ، وقال قتادة : أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار ، ومن خلفهم من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها ، وعن أيمانهم من قبل حسناتهم بطأهم عنها ، وعن شمائلهم زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها ، أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك ، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله . وقال مجاهد : { مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ } من حيث يبصرون ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } حيث لا يبصرون ، واختار ابن جرير أن المراد جميع طرق الخير والشر ، فالخير يصدهم عنه ، والشر يحسنه لهم ، وقال ابن عباس { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } قال : موحدين ، وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم ، وقد وافق في هذا الواقع كما قال تعالى : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ سبأ : 20 ] ، ولهذا ورد في الحديث : الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان كما قال الحافظ البزار . عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : " اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، واحفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بك اللهم أن أغتال من تحتي " وعن عبد الله بن عمر قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي : " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي " .