Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 46-47)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار ، نبه أن بين الجنة والنار حجاباً ، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة ، قال ابن جرير : وهو السور الذي قال الله تعالى فيه : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ } [ الحديد : 13 ] وهو الأعراف الذي قال الله تعالى فيه : { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ } ، ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى : { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } هو السور وهو الأعراف ، وقال مجاهد : الأعراف حجاب بين الجنة والنار سور له باب . قال ابن جرير : والأعراف جمع عرف ، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عرفاً ، وإنما قيل لعرف الديك عرفاً لارتفاعه ، وعن ابن عباس : هو سور بين الجنة والنار ، وقال السدي : إنما سمي الأعراف أعرافاً لأن أصحابه يعرفون الناس ، واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم ؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد ، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته ، فقال " أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون " " وقال ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف ، قال فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة ، وخلفت بهم حسناتهم عن النار . قال : فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم . وعن ابن مسعود قال : يحاسب الناس يوم القيامة ، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار ، ثم قرأ قول الله : { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } [ الأعراف : 8 ] الآيتين : ثم قال : الميزان يخف بمثقال حبة ، ويرجح ، قال : ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا : سلام عليكم ، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم ونظروا أهل النار { قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } تعوذوا بالله من منازلهم ، قال : فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ، ويعطى كل عبد يومئذ نوراً ، وكل أمة نوراً فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة ، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا : { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [ التحريم : 8 ] ، وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان بأيديهم فلم ينزع ، فهنالك يقول الله تعالى : { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } فكان الطمع دخولاً ، قال : فقال ابن مسعود إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر ، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة ، ثم يقول : هلك من غلبت آحاده عشراته ، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ؟ قال : " هم آخر من يفصل بينهم من العباد ، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد ، قال : أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ، ولم تدخلوا الجنة ، فأنت عتقائي ، فارعوا من الجنة حيث شئتم " . وقد حكى القرطبي وغيره فيهم اثني عشر قولاً ، وقوله تعالى : { يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ } ، قال ابن عباس : يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه ، وأهل النار بسواد الوجوه ، وقال العوفي عن ابن عباس : أنزلهم الله بتلك المنزلة ليعرفوا من في الجنة والنار ، وليعرفوا أهل النار بسواد الوجوه ، ويتعوذوا بالله أن يجعلهم مع القوم الظالمين ، وهم في ذلك يحيون أهل الجنة بالسلام لم يدخلوها وهم يطمعون أن يدخلوها ، وهم داخلوها إن شاء الله ، وقال الحسن : إنه تلا هذه الآية : { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } قال : والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم ، وقال قتادة : قد أنبأكم الله بمكانهم من الطمع ، وقوله : { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } . قال الضحاك عن ابن عباس : إن أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أهل النار وعرفوهم قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين . وقال السدي : وإذا مروا بهم يعني أصحاب الأعراف بزمرة يذهب بها إلى النار قالوا : ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين . وقال عكرمة : تحدد وجوههم للنار ، فإذا رأوا أصحاب الجنة ذهب ذلك عنهم ، وقال ابن أسلم في قوله : { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } فرأوا وجوههم مسودة وأعينهم مزرقة { قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } .