Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 94-95)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عما اختبر به الأمم الماضية الذين أرسل إليهم الأنبياء بالبأساء والضراء . يعني { بِٱلْبَأْسَآءِ } ما يصيبهم في أبدانهم من أمراض وأسقام ، { وَٱلضَّرَّآءِ } ما يصيبهم من فقر وحاجة ونحو ذلك { لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } أي يدعون ويخشعون ويبتهلون إلى الله تعالى في كشف ما نزل بهم ، وتقدير الكلام : أنه ابتلاهم بالشدة ليتضرعوا فما فعلوا شيئاً من الذي أراد منهم ، فقلب عليهم الحال إلى الرخاء ليختبرهم فيه ، ولهذا قال : { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ } أي حولنا الحال من شدة إلى رخاء ، ومن مرض وسقم إلى صحة وعافية ، ومن فقر إلى غنى ، ليشكروا على ذلك فما فعلوا ، وقوله : { حَتَّىٰ عَفَوْاْ } أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم ، يقال : عفا الشيء إذا كثر . { وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } . يقول تعالى : ابتليناهم بهذا وهذا ليتضرعوا وينيبوا إلى الله فما نجع فيهم لا هذا ولا هذا ، ولا انتهوا بهذا ولا بهذا ، وقالوا : قد مسنا من البأساء والضراء ثم بعده من الرخاء مثل ما أصاب آباءنا في قديم الزمان والدهر ، وإنما هو الدهر تارات وتارات ، بل لم يتفطنوا لأمر الله فيهم ولا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين ، وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء ويصبرون على الضراء كما ثبت في " الصحيحين " : " عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له " فالمؤمن من يتفطن لما ابتلاه الله به من الضراء والسراء ، ولهذا جاء في الحديث : " لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج نقياً من ذنوبه ، والمنافق مثله كمثل الحمار لا يدري فيم ربطه أهله ولا فيم أرسلوه " ، أو كما قال ، ولهذا عقب هذه الصفة بقوله : { فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي أخذناهم بالعقوبة بغتة ، أي على بغتة وعدم شعور منهم ، أي أخذناهم فجأة كما في الحديث : " موت الفجأة رحمة للمؤمن وأخذة أسف للكافر " .