Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 1-7)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم ، أن يخبر قومه أن الجن استمعوا القرآن ، فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له فقال تعالى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ } أي إلى السداد والنجاح { فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } كقوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ } [ الأحقاف : 29 ] ، وقوله تعالى : { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } قال ابن عباس { جَدُّ رَبِّنَا } آلاؤه وقدرته ونعمته على خلقه ، وقال مجاهد : جلال ربنا ، وقال قتادة : تعالى جلاله وعظمته وأمره ، وقال السدي : تعالى أمر ربنا ، وقال سعيد بن جبير : { تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } أي تعالى ربنا ، وقوله تعالى : { مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } أي تعالى عن اتخاذ الصاحبة والأولاد ، أي قالت الجن : تنزه الرب جلَّ جلاله عن اتخاذ الصاحبة والولد ، ثم قالوا : { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } قال مجاهد { سَفِيهُنَا } يعنون إبليس ، { شَطَطاً } أي جوراً ، وقال ابن زيد : أي ظلماً كبيراً ، ويحتمل أن يكون المراد بقولهم : سفيهنا اسم جنس لكل من زعم أن لله صاحبة أو ولداً ، ولهذا قالوا : { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا } أي قبل إسلامه ، { عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } أي باطلاً وزوراً ، ولهذا قالوا : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي ما حسبنا أن الإنس والجن ، يتمالأون على الكذب على الله تعالى ، في نسبة الصاحبة والولد إليه ، فلما سمعنا هذا القرآن وآمنا به علمنا أنهم كانوا يكذبون على الله في ذلك . وقوله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } ، كانت عادة العرب في جاهليتها يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان ، أن يصيبهم بشيء يسؤوهم ، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم { زَادُوهُمْ رَهَقاً } أي خوفاً وإرهاباً وذعراً ، حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذاً بهم ، كما قال قتادة { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } أي إثماً ، وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة ، وقال الثوري { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } أي ازدادت الجن عليهم جرأة ، وقال السدي : كان الرجل يخرج بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول : أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن أن أضر أنا فيه ومالي أو ولدي أو ماشيتي ، قال قتادة : فإذا عاذ بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك ، وعن عكرمة قال : كان الجن يفرقون من الإنس كما يفرق الإنس منهم أو أشد ، فكان الإنس إذا نزلوا وادياً هرب الجن ، فيقول سيد القوم : نعوذ بسيد أهل هذا الوادي ، فقال الجن : نراهم يفرقون منا كما نفرق منهم ، فدنوا من الإنس ، فأصابوهم بالخبل والجنون ، فذلك قول الله عزَّ وجلَّ : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } أي إثماً ، وقال أبو العالية { رَهَقاً } أي خوفاً ، وقال ابن عباس : أي إثماً ، وقال مجاهد : زاد الكفار طغياناً ، روى ابن أبي حاتم . عن كردم بن أبي السائب الأنصاري قال : خرجت مع أبي من المدينة في حاجة ، وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فآوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما انتهى صف الليل جاء ذئب ، فأخذ حملاً من الغنم ، فوثب الراعي ، فقال : يا عامر الوادي جارك فنادى مناد لا نراه ، يقول : يا سرحان أرسله ، فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة ، وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } . وقوله تعالى : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } أي لن يبعث الله بعد هذه المدة رسولاً .