Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 27-28)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" أنزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة لينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستشاروه في ذلك ، فأشار عليهم بذلك ، وأشار بيده إلى حلقه أي إنه الذبح ، ثم فطن أبو لبابة ، ورأى أنه قد خان الله ورسوله ، فحلف لا يذوق ذواقاً حتى يموت أو يتوب الله عليه ، وانطلق إلى مسجد المدينة ، فربط نفسه في سارية منه ، فمكث كذلك تسعة أيام ، حتى كان يخر مغشياً عليه من الجهد ، حتى أنزل الله توبته على رسوله ، فجاء الناس يبشرونه بتوبة الله عليه ، وأرادوا أن يحلوه من السارية ، فحلف لا يحله منها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فحله ، فقال : يا رسول الله إني كنت نذرت أن أنخلع من مالي صدقة ، فقال : " يجزيك الثلث أن تصدق به " وقال ابن جرير : نزلت هذه الآية في قتل عثمان رضي الله عنه { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } الآية . وفي " الصحيحين " " قصة ( حاطب بن أبي بلتعة ) أنه كتب إلى قريش يعلمهم بقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم عام الفتح ، فأطلع الله رسوله على ذلك ، فبعث في إثر الكتاب فاسترجعه ، واستحضر حاطباً فأقر بما صنع ، وفيها فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه فإنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين ؟ فقال : " دعه فإنه قد شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ، والصحيح أن الآية عامة ، وإن صح أنها وردت على سبيل خاص ، فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهير من العلماء والخيانة تعم الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدية ، وقال ابن عباس : { وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ } : الأمانة الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد يعني الفريضة ، يقول : لا تخونوا لا تنقضوها ، وقال في رواية : لا تخونوا الله والرسول يقول : بترك سنته وارتكاب معصيته . وقال السدي : إذا خانوا الله ورسوله فقد خانوا أماناتهم . وقال أيضاً : كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيفشونه حتى يبلغ المشركين ، وقال ابن زيد : نهاكم أن تخونوا الله والرسول كما صنع المنافقون ، وقوله : { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } أي اختبار وامتحان منه لكم إذ أعطاكموها ليعلم أتشكرونه عليها وتطيعونه فيها أو تشتغلون بها عنه وتعتاضون بها منه كما قال تعالى : { أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ، وقال : { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] ، وقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [ المنافقون : 9 ] ، وقوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي ثوابه وعطاؤه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد ، فإنه قد يوجد منهم عدو ، وأكثرهم لا يغني عنك شيئاً ، والله سبحانه هو المتصرف المالك للدنيا والآخرة ، ولديه الثواب الجزيل يوم القيامة ، وفي الأثر يقول الله تعالى : يا ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتُّكَ فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ، وفي " الصحيح " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه " ، بل حب رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدم على الأولاد والأموال والنفوس كما ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله والناس أجمعين " .