Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 33-42)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن عباس : { ٱلصَّآخَّةُ } اسم من أسماء يوم القيامة ، عظّمه الله وحذره عباده ، وقال البغوي : { ٱلصَّآخَّةُ } يعني يوم القيامة ، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع ، أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها ، { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } أي يراهم ويفر منهم ؛ لأن الهول عظيم ، والخطب جليل ، قال عكرمة : يلقى الرجل زوجته فيقول لها : يا هذه أي بعل كنت لكِ ؟ فتقول : نعم البعل كنت ، وتثني بخير ما استطاعت ، فيقول لها : فإني أطلب إليك اليوم حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنحو مما ترين ، فتقول له : ما أيسر ما طلبت ، ولكن لا أطيق أن أعطيك شيئاً أتخوف مثل الذي تخاف ، قال : وإن الرجل ليلقى ابنه فيعلق به فيقول : يا بني أي والد كنت لك ؟ فيثني بخير ، فيقول له : يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى فيقول ولده : يا أبتِ ما أيسر ما طلبت ، ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف ، فلا أستطيع أن أُعطيك شيئاً ، يقول الله تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } وفي الحديث الصحيح في أمر الشفاعة : " حتى عيسى ابن مريم يقول : لا أسأله اليوم إلاّ نفسي ، لا أسأله مريم التي ولدتني " ، عن ابن عباس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " تحشرون حفاة عراة مشاة غرلاً " قال ، فقالت زوجته : يا رسول الله ننظر أو يرى بعضنا عورة بعض قال : " لكل امرىء يومئذٍ شأن يغنيه " أو قال : " ما أشغله عن النظر " " وروى النسائي عن عروة عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً " فقالت عائشة : يا رسول الله فكيف بالعورات ؟ فقال : " لكل امرىء منهم يومئذٍ شأن يغنيه " " وعن أنَس بن مالك قال : " سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله بأبي أنت وأُمّي ، إني سائلتك عن حديث فتخبرني أنت به ، قال : " إن كان عندي منه علم " قالت يا نبي الله كيف يحشر الرجال ؟ قال : " حفاة عراة " ثم انتظرت ساعة ، فقالت : يا رسول الله كيف يحشر النساء ؟ قال : " كذلك حفاة عراة " ، قالت : واسوأتاه من يوم القيامة ، قال : " وعن أي ذلك تسألين إنه قد نزل علي آية لا يضرك كان عليك ثياب أو لا يكون " ، قالت : أية آية هي يا نبي الله ؟ قال : { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } " ، وقال البغوي في " تفسيره " . " عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله عليه وسلم : " يبعث الناس حفاة عراة غرلاً قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان " ، فقلت : يا رسول الله واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض ؟ فقال : قد شغل الناس { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } " وقوله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } أي يكون الناس هنالك فريقين ، وجوه مسفرة أي مستنيرة { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } أي مسرورة فرحة ، قد ظهر البشر على وجوههم ، وهؤلاء هم أهل الجنة ، { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } أي يعلوها وتغشاها { قَتَرَةٌ } أي سواد ، وفي الحديث : " يلجم الكافر العرق ثم تقع الغبرة على وجوههم " ، فهو قوله تعالى : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } ، وقال ابن عباس { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } أي يغشاها سواد الوجوه ، وقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ } أي الكفرة قلوبهم ، الفجرة في أعمالهم كما قال تعالى : { وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } [ نوح : 27 ] .