Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 84, Ayat: 16-25)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال علي وابن عباس : { ٱلشَّفَقِ } الحمرة ، وقال عبد الرزاق ، عن أبي هريرة : { ٱلشَّفَقِ } البياض ، فالشفق هو حمرة الأفق ، إما قبل طلوع الشمس ، كما قاله مجاهد ، وإما بعد غروبها كما هو معروف عند أهل اللغة ، قال الخليل : الشفق : الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة ، فإذا ذهب قيل : غاب الشفق ، وفي الحديث : " وقت المغرب ما لم يغب الشفق " ، ولكن صح عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } هو النهار كله ، وإنما حمله على هذا قرنه بقوله تعالى : { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } أي جمع ، كأنه أقسم بالضياء والظلام ، قال ابن جرير : أقسم الله بالنهار مدبراً وبالليل مقبلاً ، وقال آخرون : الشفق اسم للحمرة والبياض ، وهو من الأضداد . قال ابن عباس ومجاهد : { وَمَا وَسَقَ } وما جمع ، قال قتادة : وما جمع من نجم ودابة ، وقال عكرمة : ما ساق من ظلمة إذا كان الليل ذهب كل شيء إلى مأواه ، وقوله تعالى : { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } قال ابن عباس : إذا اجتمع واستوى ، وقال الحسن : إذا اجتمع وامتلأ ، وقال قتادة : إذا استدار ، ومعنى كلامهم إنه إذا تكامل نوره وأبدر جعله مقابلاً لليل وما وسق . وقوله تعالى : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } قال البخاري ، قال ابن عباس : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } حالاً بعد حال ، قال : هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وقال الشعبي { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } قال : لتركبنّ يا محمد سماء بعد سماء ، يعني ليلة الإسراء ، وقيل : { طَبَقاً عَن طَبقٍ } منزلاً على منزل ، ويقال : أمراً بعد أمر ، وحالاً بعد حال ، وقال السدي : { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } أعمال من قبلكم منزلاً بعد منزل ، وكأنه أراد معنى الحديث الصحيح : " " لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " ، قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن ؟ " " وقال ابن مسعود : { طَبَقاً عَن طَبقٍ } السماء مرة كالدهان ، ومرة تنشق ، وقال سعيد بن جبير { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } قال : قوم كانوا في الدنيا خسيسٌ أمرهم فارتفعوا في الآخرة ، وآخرون كانوا أشرافاً في الدنيا فاتضعوا في الآخرة ، وقال عكرمة : { طَبَقاً عَن طَبقٍ } حالاً بعد حال فطيماً بعدما كان رضيعاً ، وشيخاً بعد ما كان شاباً ، وقال الحسن البصري : { طَبَقاً عَن طَبقٍ } يقول : حالاً بعد حال ، رخاء بعد شدة ، وشدة بعد رخاء ، وغنى بعد فقر ، وفقراً بعد غنى ، وصحة بعد سقم ، وسقماً بعد صحة . ثم قال ابن جرير : والصواب من التأويل قول من قال : لتركبن أنت يا محمد حالاً بعد حال ، وأمراً بعد أمر من الشدائد ، والمراد بذلك وإن كان الخطاب موجهاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الناس ، وأنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأحواله أهوالاً ، وقوله تعالى : { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } أي فماذا يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الله وهو هذا القرآن لا يسجدون إعظاماً وإكراماً واحتراماً ؟ وقوله تعالى : { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } أي من سجيتهم التكذيب والعناد والمخالفة للحق ، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } قال مجاهد وقتادة : يكتمون في صدورهم ، { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي فأخبرهم يا محمد بأن الله عزَّ وجلَّ قد أعد لهم عذاباً إليماً ، وقوله تعالى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } هذا استثناء منقطع يعني لكن الذين آمنوا أي بقلوبهم { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي بجوارحهم { لَهُمْ أَجْرٌ } أي في الدار الآخرة { غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال ابن عباس : غير منقوص ، وقال مجاهد : غير محسوب ، وحاصل قولهما : أنه غير مقطوع ، كما قال تعالى : { عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [ هود : 108 ] ، وقال السدي : قال بعضهم : غير ممنون : غير منقوص ، وقال بعضهم : غير ممنون عليهم ، وهذا القول قد أنكره غير واحد ، فإن الله عزَّ وجلَّ له المنة على أهل الجنة ، في كل حال وآن ولحظة ، وإنما دخلوها بفضله ورحمته لا بأعمالهم ، فله عليهم المنة دائماً سرمداً ، والحمد لله وحده أبداً .