Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 89, Ayat: 21-30)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة فقال تعالى : { كَلاَّ } أي حقاً { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } أي وطئت ومهدت وسويت الأرض والجبال ، وقام الخلائق من قبورهم لربهم { وَجَآءَ رَبُّكَ } يعني لفصل القضاء بين خلقه ، وذلك بعدما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق ، محمد صلوات الله وسلامه عليه ، فيجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفاً صفوفاً ، وقوله تعالى : { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } روى الإمام مسلم في " صحيحه " : عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " ، وقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } أي عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه ، { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } أي وكيف تنفعه الذكرى ، { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } يعني يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان عاصياً ، ويود لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاً ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل عن جبير بن نفير عن محمد بن عمرة ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أن عبداً خرَّ على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة ، ولَوَدَّ أنه رد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب ، وقال الله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } أي ليس أحد أشد عذاباً من تعذيب الله من عصاه ، { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } أي وليس أحد أشد قبضاً ووثقاً من الزبانية لمن كفر بربهم عزَّ وجلَّ ، وهذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين ، فأما النفس الزكية المطمئنة وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق ، فيقال لها : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } أي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته { رَاضِيَةً } أي في نفسها ، { مَّرْضِيَّةً } أي قد رضيت عن الله ، ورضي الله عنها وأرضاها ، { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } أي في جملتهم ، { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } وهذا يقال لها عند الاحتضار ، وفي يوم القيامة أيضا ، كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره فكذلك هٰهنا ، ثم اختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآية ، فروي أنها نزلت في عثمان بن عفّان ، وقيل : إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وقال ابن عباس في قوله تعالى : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } قال : " نزلت وأبو بكر جالس فقال : يا رسول الله ما أحسن هذا ؟ فقال : " أما إنه سيقال لك هذا " " وروى الحافظ ابن عساكر ، عن أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : " قل : اللهم إني أسألك نفساً بك مطمئنة ، تؤمن بلقائك ، وترضى بقضائك ، وتقنع بعطائك " .