Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 111-111)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه عاوض من عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم - إذ بذلوها في سبيله - بالجنة ، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه ، فإنه قبل العَوْض عما يملكه بما تفضل به على عبيده المطيعين له . ولهذا قال الحسن البصري وقتادة : بايعهم والله فأغلى ثمنهم ، وقال شمر بن عطية : " ما من مسلم إلا والله عزّ وجلّ في عنقه بيعة وفى بها أو مات عليها ، ثم تلا هذه الآية ، وقال ( عبد الله بن رواحة ) رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ليلة العقبة : اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال : " اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " ، قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال : " الجنة " ، قالوا : ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل ، فنزلت : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ } الآية " ، وقوله : { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } أي سواء قَتَلوا أو قُتلوا ، أو اجتمع لهم هذا وهذا ، فقد وجبت لهم الجنة ، ولهذا جاء في " الصحيحين " : " تكفل الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وتصديق برسلي بأن توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة " ، وقوله : { وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ } تأكيد لهذا الوعد ، وإخبار بأنه قد كتبه على نفسه الكريمة وأنزله على رسله في كتبه العظيمة وهي { ٱلتَّوْرَاةِ } المنزلة على موسى ، و { وَٱلإِنْجِيلِ } المنزل على عيسى ، و { وَٱلْقُرْآنِ } المنزل على محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وقوله : { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } فإنه لا يخلف الميعاد ، وهذا كقوله : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [ النساء : 87 ] ، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [ النساء : 122 ] ، ولهذا قال : { فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي فليستبشر من قام بمقتضى هذا العقد ، ووفى بهذا العهد ، بالفوز العظيم والنعيم المقيم .