Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 128-129)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم أي من جنسهم وعلى لغتهم ، كما قال إبراهيم عليه السلام : { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } [ البقرة : 129 ] ، وقال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } [ آل عمران : 164 ] ، قال تعالى : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي منكم وبلغتكم ، وقوله تعالى : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها ، وشريعته كلها سهلة سمحة كاملة يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه ، { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع ، ألا وإني آخذ بحجزكم أن تهافتوا في النار كتهافت الفراش والذباب " وعن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملكان فيما يرى النائم ، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : اضرب مثل هذا ومثل أمته ، فقال : إن مثله ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة ولم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به ، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال : أرأيتم إن وردت بكم رياضاً معشبة وحياضاً رواء تتبعوني ؟ فقالوا : نعم ، قال : فانطلق بهم فأوردهم رياضاً معشبة وحياضاً رواء ، فأكلوا وشربوا وسمنوا ، فقال لهم : ألم ألقكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضاً معشبة وحياضاً رواء أن تتبعوني ؟ فقالوا : بلى ، فقال : فإن بين أيديكم رياضاً هي أعشب من هذه وحياضاً هي أروى من هذه فاتبعوني ، فقالت طائفة : صدق والله لنتبعنَّه ، وقالت طائفة : قد رضينا بهذا نقيم عليه " وقوله : { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } كقوله : { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 215 ] { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي تولوا عما جئتهم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة الشاملة { فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي الله كافي ، لا إلـٰه إلا هو عليه توكلت ، كما قال تعالى : { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } [ المزمل : 9 ] ، { وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } أي هو مالك كل شيء وخالقه ، لأنه رب العرش العظيم وجميع الخلائق من السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش ، مقهورون بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل ، وقد روى أبو داود عن أبي الدرداء قال : من قال إذا أصبح وإذا أمسى : حسبي الله ، لا إلـٰه إلا هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ، سبع مرات إلا كفاه الله ما أهمه .