Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 1-2)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه السورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال البراء بن عازب : آخر آية نزلت { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } [ النساء : 176 ] ، وآخر سورة نزلت : براءة . وإنما لم يبسمل في أولها لأن الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف الإمام ، بل اقتدوا في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه . وأول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك ، وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميراً على الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ، ويعلم المشركين أن لا يحجوا بعد عامهم هذا ، وأن ينادي في الناس { بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } ، فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما سيأتي بيانه . فقوله تعالى : { بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي هذه براءة أي تبرؤ من الله ورسوله { إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } . اختلف المفسرون هٰهنا اختلافاً كثيراً ، فقال قائلون : هذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة ، أو من له عهد دون أربعة أشهر فيكمل له أربعة أشهر ، فأما من كان له عهد مؤقت فأجله إلى مدته مهما كان ، لقوله تعالى : { فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ } [ التوبة : 4 ] الآية ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته ؛ وهذا أحسن الأقوال وأقواها ، وقد اختاره ابن جرير رحمه الله . وقال ابن عباس : حدَّ الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر ، يسيحون في الأرض حيث شاءوا ، وأجَّل أجل من ليس له عهد انسلاخ الأشهر الحرم ، فأمر الله نبيه إذا انسلخ المحرم أن يضع السيف فيمن لم يكن بينه وبينه عهد ، بقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام ، وأمر بمن كان له عهد إذا انسلخ أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر خلون من ربيع الآخر أن يضع فيهم السيف أيضاً حتى يدخلوا في الإسلام . وقال مجاهد : { بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ، ومن كان له عهد أو غيرهم ، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرع ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ثم قال : " إنما يحضر المشركون فيطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك " ، فأرسل أبا بكر وعلياً رضي الله عنهما ، فطافا بالناس في ذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها وبالمواسم كلها ، فآذنوا أصحاب العهد بأن يؤمنوا أربعة أشهر ، فهي الأشهر المتواليات عشرون من ذي الحجة إلى عشر تخلو من ربيع الآخر ، ثم لا عهد لهم ، وآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا .