Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 91-93)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم بيَّن تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن القتال ، فذكر منها ما هو لازم لشخص لا ينفك عنه ، وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ، ومنه العمى والعرج ونحوهما ؛ ولهذا بدأ به ، ومنها ما هو عارض بسبب مرض في بدنه شغله عن الخروج في سبيل الله ، أو بسبب فقر لا يقدر على التجهيز للحرب ، فليس على هؤلاء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم ، ولم يرجفوا بالناس ، ولم يثبطوهم ، وهم محسنون في حالهم هذا ؛ ولهذا قال : { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . قال قتادة : نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو المزني ، وروي عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنت أكتب براءة ، فإني لواضع القلم على أذني ، إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه ، إذ جاء أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فنزلت : { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ } الآية ، وقال ابن عباس في هذه الآية : وذلك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مغفل المزني ، فقالوا : يا رسول الله احملنا ، فقال لهم : " والله لا أجد ما أحملكم عليه " ، فتولوا وهم يبكون ، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملاً ، فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه فقال : { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ } إلى قوله : { فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } " ، وقال مجاهد في قوله : { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ } نزلت في بني مقرن من مزينة ، كانوا سبعة نفر ، فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل حاجة ، فقال : { لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } . وفي حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " إن بالمدينة أقواماً ما قطعتم وادياً ولا سرتم سيراً إلا وهم معكم " قالوا : وهم بالمدينة ؟ قال : " نعم حبسهم العذر " " وعن جابر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد خلفتم بالمدينة رجالاً ما قطعتم وادياً ولا سلكتم طريقاً إلا شركوكم في الأجر حبسهم المرض " ، ثم رد تعالى الملامة على الذين يستأذنون في القعود وهم أغنياء ، وأنبهم في رضاهم بأن يكونوا مع النساء الخوالف في الرجال : { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } .