Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 97-99)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخبر تعالى أن في الأعراب كفاراً ومنافقين ومؤمنين ، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد ، { وَأَجْدَرُ } أي أحرى { أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } ، كما قال الأعمش : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه ، وكانت يده قد أصيبت يوم ( نهاوند ) فقال الأعرابي : والله إن حديثك ليعجبني ، وإن يدك لتريبني ، فقال زيد : ما يريبك من يدي إنها الشمال ؟ فقال الأعرابي : والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال ، فقال زيد صدق الله : { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } . وفي الحديث : " من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن " ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري به ، وقال الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الثوري . ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولاً ، وإنما كانت البعثة من أهل القرى , لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن ، فهم ألطف أخلاقاً من الأعراب لما في طباع الأعراب من الجفاء ، وفي " صحيح مسلم " " عن عائشة قالت : قدم ناس من الأعراب على رسوله الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقبلون صبيانكم ؟ قالوا : نعم ، قالوا : لكنا والله ما نقبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأملك إن كان الله نزع منكم الرحمة " ؟ ، وقال ابن نميرة : " من قلبك الرحمة " وقوله : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي عليم بمن يستحق أن يعلمه الإيمان والعلم ، { حَكِيمٌ } فيما قسم بين عباده ، لا يسأل عما يفعل لعلمه وحكمته ، وأخبر تعالى أن منهم : { مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } أي في سبيل الله { مَغْرَماً } أي غرامة وخسارة ، { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ } أي ينتظر بكم الحوادث والآفات ، { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } أي هي منعكسة عليهم والسوء دائر عليهم ، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي سميع لدعاء عباده ، عليم بمن يستحق النصر ممن يستحق الخذلان ، وقوله : { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } هذا هو القسم الممدوح من الأعراب ، وهم الذين يتخذون ما ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ، { أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } أي ألا إن ذلك حاصل لهم ، { سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .