Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-5)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عن عائشة قالت : " أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبّب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ، فيتزود لمثلها حتى فجأه الوحي ، وهو في غار حراء فجاءه الملك فيه ، فقال : اقرأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فقلت : ما أنا بقارىء - قال - فأخذني فغطّني ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقالت : ما أنا بقارىء ، فغطّني الثانية ، حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارىء ، فغطّني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق - حتى بلغ - ما لم يعلم " . قال : فرجع بها ترجف بوادره ، حتى دخل على خديجة فقال : " زمّلوني زمّلوني " ، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع فقال : يا خديجة : " مالي " ؟ ! وأخبرها الخبر ، وقال : " قد خشيت على نفسي " . فقالت له : " كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " ، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ( ورقة بن نوفل ) بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها ، وكان أمرأ قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي ، فقالت خديجة : أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة : ابن أخي ما ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، ليتني فيها جذعاً ، ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو مخرجيّ هم ؟ " فقال ورقة : نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلاّ عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي " فأول شيء نزل من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات ، وهن أول رحمة رحم الله بها العباد ، وأول نعمة أنعم الله بها عليهم ، وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة ، وأن من كرمه تعالى أن علّم الإنسان ما لم يعلم فشرّفه وكرّمه بالعلم ، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة ، والعلم تارة يكون في الأذهان ، وتارة يكون في اللسان ، وتارة يكون في الكتابة بالبنان ، ذهني ، ولفظي ، ورسمي ، فلهذا قال : { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ * ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ * عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } ، وفي الأثر : من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يكن يعلم .