Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 98, Ayat: 1-5)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أما أهل الكتاب فهم اليهود والنصارى ، والمشركون عبدة الأوثان والنيران من العرب ومن العجم ، قال مجاهد : لم يكونوا { مُنفَكِّينَ } يعني منتهين حتى يتبين لهم الحق { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } أي هذا القرآن ، ولهذا قال تعالى : { لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } ثم فسر البينة بقوله : { رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وما يتلوه من القرآن العظيم الذي هو مكتتب في الملأ الأعلى في صحف مطهرة . كقوله تعالى : { فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [ عبس : 13 - 16 ] ، وقوله تعالى : { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } قال ابن جرير : أي في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة ، ليس فيها خطأ لأنها من عند الله عزَّ وجلَّ ، قال قتادة { رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } يذكر القرآن بأحسن الذكر . ويثني عليه بأحسن الثناء ، وقال ابن زيد : { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } مستقيمة معتدلة ، وقوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } كقوله تعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 105 ] ، يعني بذلك أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا ، وبعد ما أقام الله عليهم الحجج والبينات تفرقوا ، واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم ، واختلفوا اختلافاً كبيراً ، كما جاء في الحديث المروي من طرق : " " إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى اختلفوا على اثنين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلاّ واحدة " ، قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " " ، وقوله تعالى : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } كقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } [ الأنبياء : 25 ] ، ولهذا قال : { حُنَفَآءَ } أي متحنفين من الشرك إلى التوحيد ، كقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] ، وقد تقدم تقرير الحنيف في سورة الأنعام بما أغنى عن إعادته ها هنا ، { وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } وهي أشرف عبادات البدن ، { وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ } وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } أي الملة القائمة العادلة ، أو الأمة المستقيمة المعتدلة .