Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 41-44)
Tafsir: Rawāʾiʿ al-bayān tafsīr ʿāyāt al-aḥkām
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ 1 ] موقف الشريعة من الحيل التحليل اللفظي { بِنُصْبٍ } : النُصْب بضم النون وسكون الصاد بمعنى التعب كالنّصَب . قال الفراء : هما كالرُشْد والرَشد ، والحُزْن والحزن معناهما واحد . قال في اللسان : والنَّصْب ، والنّصْب والنُّصُب : الداء والبلاء والشر ، والنّصَب : الأعياء من العناء . وفي التنزيل : { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } [ الحجر : 48 ] أي تعب . وقال أبو عبيدة : النُّصْب : الشر والبلاء ، والنّصَب : التعب والإعياء . والمراد في الآية : مرضُ أيوب وما كان يقاسيه من أنواع البلاء في جسده . { ٱرْكُضْ } : الركض : الدفع بالرجل ، يقال : ركض الدابةَ إذا ضربها برجله لتعدو ، وقال المبرّد : الركض التحريك والضرب ، ولهذا قال الأصمعي : يقال رُكِضَت الدابةُ ، ولا يقال : ركَضَت هي ، لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ولا فعل لها في ذلك . والمراد في الآية : اضرب الأرض برجلك ينبع الماء فتغتسل وتشرب منه . { مُغْتَسَلٌ } : المغتسل الماء الذي يُغتسل به ، وقيل : الموضع الذي يغتسل فيه ، والصحيح الأول . { ضِغْثاً } : الضّغْث في أصل اللغة : الشيء المختلط ومنه ( أضغاث أحلام ) للرؤيا المختلطة . قال في اللسان : الضغث : قبضة من قضبان مختلفة يجمعها أصل واحد مثل الأسَل والكرّاث قال الشاعر : @ كأنّه إذْ تدلّى ضِغْث كُرّاث @@ وقيل : هي الحزمة من الحشيش ، مختلطة الرطب باليابس . وقال ابن عباس : هو عُشْكال النخل الجامع بشماريخه . أي عنقود النخل المتفرّع الأغصان . والمعنى : أمره الله أن يأخذ حزمة من العيدان فيها مائة عود ، ويضربها بها ضربة واحدة ، ليبرّ في يمينه ولا يحنث فيها . { تَحْنَثْ } : الحنثُ : الخُلْف في اليمين ، يقال : حنث في يمينه ، يحنث إذا لم يبرّ بها . قال في اللسان : الحنث في اليمين : نقضُها والنكثُ فيها ، وهو من الحِنْث بمعنى الإثم وفي الحديث : " اليمين حنْثٌ أو مندمة " ومعناه : إمّا أن يندم على ما حلف عليه ، أو يحنث فتلزمه الكفارة . والحنْث : الذنب العظيم ، وفي التنزيل العزيز : { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } [ الواقعة : 46 ] . { أَوَّابٌ } : الأوْب : الرجوع ، والأوّاب : التّوَّاب ، الرجّاع ، الذي يرجع إلى التوبة والطاعة ، ويرجع إلى الله في جميع أموره ، وهي من صيغ المبالغة مثل ( ظلاّم ) و ( قتّال ) . المعنى الإجمالي اذكر يا محمد لقومك قصة عبدنا ( أيوب ) إذ نادى ربه مستغيثاً به ، ضارعاً إليه ، فيما نزل به من البلاء ، راجياً أن يكشف الله عنه الضر حيث قال : ربّ إني أُصبتُ ببلاء وشدّة ، وتعب وضنى ، وأنت أرحم الراحمين ورب المستضعفين … فاستجاب الله الحليم الكريم دعاءه ، وكشف عنه شدته ، فأذهب عنه الآلام والأسقام ، وأمره أن يضرب برجله الأرض ، حتى تنبع له عين ماء يكون فيها شفاؤه ، وقلنا له : هذا مغتسل بارد وشراب ، تغتسل منه وتشرب فتشفى بإذن الله ، فلما ضرب الأرض نبعت له عين ماء ، فاغتسل منها فذهب الداء من ظاهره ، ثم شرب منها فذهب الداء من باطنه ، فعادت إليه الحياة الطبيعية التي كان يعيشها ، وشعر بأهله وأولاده ، ونعم بأسرته التي كانت بالنسبة إليه كالمفقودة ، ومتّعه الله بصحته وقواه حتى كثر نسله وتضاعف عدد أولاده ، ورزقه من الأموال فضلاً منه ونعمة ، وإكراماً لعبده الصابر الطائع ، وتذكيراً لعباد الله بفضل الله وإكرامه لأنهم إذا ذكروا بلاء أيوب - وهو أفضل أهل زمانه - وطّنوا أنفسهم على الصبر على شدائد الدنيا ومصائبها ، واللجوء إلى الله عز وجلّ فيما يحيق بهم كما لجأ أيوب ليفعل الله بهم ما فعل به من حسن العاقبة ، وعظيم الإكرام . وما كان الله - جلت حكمته - ليكرمه ويدع زوجه التي أحسنت إليه ، وأعانته في بلائه ومحنته ، وكان قد حلف لأمر فعلته ليضربنها مائة جلدة ، فجزاها الله بحسن صبرها أن أفتاه في ضربها تسهيلاً عليه وعليها فأمره أن يجمع لها ( مائة عود ) ويضربها ضربة واحدة ، لا يحنث في يمينه . ثم شهد الله تعالى لأيوب عليه السلام شهادة تبقى على مر الأزمان ، مظهرة أنه كان في بلائه صابراً ، لا تحمله الشدة على الخروج عن طاعة ربه ، والدخول في معصيته ، فكان من خيرة خلق الله وعبّاده ، مقبلاً على طاعته ، رجَّاعاً إلى رضاه ، فلم يكن دعاؤه عن تذمر وشكوى ، وإنما كان لجؤاً إلى الله العليّ القدير الذي بيده مقاليد السمٰوات والأرض . الغرض من ذكر القصة المقصود من ذكر قصة ( أيوب ) عليه السلام ، وما قبلها من قصص الأنبياء الاعتبار بما يقع في هذه الحياة ، كأنّ الله تعالى يقول : يا محمد ، إصبر على سفاهة قومك ، وشدتهم في معاملتك ، ومقابلة دعوتك بالصدود والإعراض ، فإنه ما كان في الدنيا أكثر نعمة ومالاً وجاهاً من ( داود ) و ( سليمان ) - عليهما السلام - وما كان أكثر بلاء ومحنة من أيوب - عليه السلام - فتأمل في أحوال هؤلاء لتعرف أنّ أحوال الدنيا لا تنتظم لأحد ، وأن العاقل لا بدّ له من الصبر على المكاره . وجوه القراءات أولاً : قوله تعالى : { أَنِّي مَسَّنِيَ } قرأ الجمهور بفتح همزة ( أنّي ) وقرأ عيسى بن عمر ( إنّي ) بكسرها على تقدير : قال إني . ثانياً : قوله تعالى : { بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } قرأ الجمهور ( بنُصْبٍ ) بضم النون وسكون الصاد ، وقرأ الحسن ( بنَصَبٍ ) بفتح النون والصاد . وقرأت عائشة ومجاهد ( بنُصُب ) بضمهما . وقرأ بعضهم ( بنَصْب ) بفتح النون وسكون الصاد ، ونسبها جماعة إلى أبي جعفر . قال الطبري : " والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراءة الأمصار وذلك الضم في النون والسكون في الصاد " . وجوه الإعراب أولاً : قوله تعالى : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ } عطف على قوله { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ صۤ : 17 ] من عطف جملة على جملة . و ( أيوب ) عطف بيان ، أو بدل من ( عبدنا ) بدل كل من كل . ثانياً : قوله تعالى : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } [ الأنبياء : 83 ] منصوب بنزع الخافض أي ( بأني مسَّني ) حكاية لكلامه الذي ناداه بسببه ، ولو لم يحك قوله لقال : بأنه مسّه ، لأنه غائب . ثالثاً : قوله تعالى : { رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ } رحمة مفعول لأجله ، ومثلها { وَذِكْرَىٰ } أي لرحمتنا إيّاه وليتذكّر أرباب العقول بما يحصل للصابر من الفضل والأجر . رابعاً : قوله تعالى : { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً } عطف على { ٱرْكُضْ } أو على { وَهَبْنَا } بتقدير قلنا خذ بيدك ضغثاً . قال الألوسي : " والأول أقرب لفظاً ، وهو أنسب معنى ، فإنَّ الحاجة إلى هذا الأمر لا تكون إلا بعد الصحة واعتدال الوقت " . لطائف التفسير اللطيفة الأولى : في قصة أيوب عليه السلام كان قد حصل له نوعان من البلاء : ( المشقة الشديدة ) بسبب زوال النعم والخيرات ، وحصول المكروه و ( الألم الشديد ) في الجسم ، ولما كان كل منهما قد لحق به وأصابه الضرُّ بسببه ، أحدهما مادي ، والآخر جسدي ، ذكر الله تعالى في الآية الكريمة لفظين ( النُّصْب ) و ( العذاب ) ليقابل بذلك الضر الذي أصابه ، فالنُّصْب الضرُّ في الجسد ، والعذاب البلاء في الأهل والمال . اللطيفة الثانية : وصف الله تعالى نبيّه ( أيوب ) عليه السلام بالصبر ، وأثنى عليه بقوله : { إِنَّا وَجَدْنَٰهُ صَابِراً } مع أن أيوّب كان قد اشتكى إلى ربه من الضر الذي أصابه فقال : { مَسَّنِيَ ٱلضُّرّ } في سورة الأنبياء [ 83 ] ، وقال هنا : { مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } فدلّ ذلك على أنّ الشكوى إلى الله تعالى لا تنافي الصبر ، وقد قال يعقوب عليه السلام : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } [ يوسف : 86 ] ولهذا مدحه الله بقوله : { نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } ولو كانت الشكوى إلى الله تعالى تنافي الصبر لما استحق هذا الثناء . اللطيفة الثالثة : قوله تعالى : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ } أسند الضُرَّ الذي أصابه في جسمه وأهله ، وماله ، إلى الشيطان أدباً مع الله تعالى ، مع أن الفاعل الحقيقي هو الله رب العالمين ، فالخيرُ والشرُ ، والنفع والضُّر ، بيد الله جلَّ وعلا . ولكن لا ينسب الشر إلى الله وإنما ينسب إلى النفس أو الشيطان ، ولهذا راعى عليه السلام الأدب في ذلك فنسبه إلى الشيطان ، وهو على حدّ قول إبراهيم عليه السلام : { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [ الشعراء : 79 - 80 ] حيث نسب الإطعام إلى الله ونسب المرضَ إلى نفسه أدباً . قال الزمخشري : " لمّا كانت وسوسته إليه ، وطاعته له فيما وسوس ، سبباً فيما مسّه الله به من النّصب والعذاب نسبه إليه ، وقد راعى الأدب في ذلك حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه ، مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو " . اللطيفة الرابعة : سئل سفيان عن عبدين ، ابتلى أحدهما فصبر ، وأُنْعم على الآخر فشكر ، فقال : كلاهما سواء ، لأن الله تعالى أثنى على عبدين : أحدهما صابر ، والآخر شاكر ثناءً واحداً فقال في وصف أيوب { نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } وقال في وصف سليمان { نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ صۤ : 30 ] . وفضّل بعض العلماء : الغنيّ الشاكر ، على الفقير الصابر ، لأن الغنَى ابتلاء وفتنة ، والشاكرُ من عباد الله قليل { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } [ سبأ : 13 ] بخلاف الصابر فإنه كثير والمسألة فيها نظر . اللطيفة الخامسة : يضرب المثل بصبر أيوب عليه السلام فيقال : ( صبرٌ كصبر أيوب ) وقد صبر على البلاء في جسمه ، وأهله ، وولده مدة ثمان عشرة سنة على الراجح من الأقوال ، ويروى أن زوجه لما طلبت منه أن يدعو الله أن يشفيه سألها : كم مكثنا في الرخاء ؟ قالت سبعين عاماً ، فقال لها : ويحك كنّا في النعيم سبعين عاماً ، فاصبري حتى نكون في الضُرّ سبعين عاماً . ويروى أنه قال لها : إني لأستحيي من الله أن أسأله أن يشفيني وما قضيتُ في بلائي ما قضيتُه في رخائي ! ! ولهذا يضرب به المثل في الصبر . اللطيفة السادسة : روى البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أيوب يغتسل عرياناً خرّ عليه رِجْلُ جرادٍ من ذهب ، فجعل يحثي في ثوبه ، فناداه ربه يا أيوب : ألم أكن أغنيتك عمّا ترى ؟ قال : بلى يا رب ، ولكن لا غنى لي عن بركتك " . قال بعض العلماء : حين صبر أيوب أكرمه الله بالمال الوفير ، والأجر الجزيل ، وعوّضَه عن الأهل والولد ، بضعفهم وبارك فيهم كما قال تعالى : { فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } [ الأنبياء : 84 ] . الأحكام الشرعية الحكم الأول : ما هو سبب حلف أيوب عليه السلام بضرب أهله ؟ دلّ ظاهر قوله تعالى : { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ } على أن أيوب عليه السلام كان قد صدر منه يمين على ضرب أهله ، ويقول المفسّرون إنه حلف لئن شفاه الله ليجلدنّ زوجته مائة جلدة ، فأمره الله أن يأخذ قبضة من حشيش ، أو حزمة من الخلال والعيدان ، فيضرب بها ليبرّ بيمينه ولا يحنث ، ولم تذكر الآية سبب هذا الحلف ، وقد ذكر بعض المفسرين كلاماً طويلاً في سبب هذا اليمين ، فقيل : إن امرأة أيوب كانت تخدمه وضجرت من طول مرضه ، فتمثّل لها الشيطان بصورة طبيب ، وجلس في طريقها فقالت له : يا عبد الله إنّ هٰهنا إنساناً مبتلى ، فهل لك أن تداويه ؟ قال : نعم إن شاء شفيته ، على أن يقول إذا برأ : أنتَ شفيتني ، فجاءت إلى أيوب فأخبرته فقال : ذاك الشيطان ، لله عليّ إن شفاني الله أن أجلدك مائة جلدة . وزعم بعضهم أن إبليس لقي زوجة أيوب فقال لها : أنا الذي فعلتُ بأيوب ما فعلت ، وأنا إلٰه الأرض ، ولو سجدت لي سجدة واحدة لرددت عليه أهله وماله ، فجاءت فأخبرت أيوب فأقسم أن يضربها إن عافاه الله . وكتابُ الله تعالى لم يأت فيه تفصيل للقصة ، ولهذا انطلقت الخيالات تنسج قصصاً في سبب بلائه وفي سبب حلفه على زوجه ، منها ما هو باطل لا يصح اعتقاده ومنها ما هو ضعيف واهن . يقول أبو بكر ابن العربي : " ما ذكره المفسّرون من أنّ إبليس كان له مكان في السماء السابعة ، وأنه طلب من ربه أن يسلّطه على أيوب فقال له : قد سلّطتك على أهله وماله … إلخ إن هذا قول باطل ، لأن إبليس أهبط منها بلعنة الله وسخطه ، فكيف يرقى إلى محل الرضا ، ويجول في مقامات الأنبياء ، ويخترق السمٰوات العلى ! ! إنَّ هذا لخطب من الجهالة عظيم . وأما قولهم : إن الله تعالى قال له : هل قدرت من عبدي أيوب على شيء ؟ فباطل قطعاً ، لأن الله عز وجلّ لا يكلِّم الكفار الذين هم من جند إبليس اللعين ، فكيف يكلّم من تولّى إضلالهم ؟ ! وأما قولهم : إن الله قال قد سلطتك على ماله وولده ، فذلك ممكن في القدرة ، ولكنه بعيد في هذه القصة ، وكذلك قولهم : إنه نفخ في جسده حين سلّطه عليه فهو أبعد ، والباري سبحانه قادر على أن يخلق ذلك كله من غير أن يكون للشيطان كسب فيه حتى تقر له - لعنةُ الله عليه - عينٌ بالتمكن من الأنبياء في أموالهم ، وأهليهم ، وأنفسهم . وأما قولهم : إنه قال لزوجته أنا إلٰه الأرض ، ولو تركت ذكر الله وسجدت لي لعافيته … فاعلموا أنه لو عَرَض لأحدكم وبه ألم وقال هذا الكلام ، ما جاز عنده أن يكون إلٰهاً في الأرض ، وأنه يسجد له ، وأنه يعافى من البلاء ، فكيف أن تستريب زوجة نبي ؟ ولو كانت زوجة سوادي أو فَدْم بربريّ ما ساغ ذلك عندها " . ثم قال : " ولم يصّح عن أيوب في أمره إلاّ ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين : الأولى قوله تعالى : { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } [ الأنبياء : 83 ] والثانية في صۤ : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصحّ عنه أنه ذكره بحرف واحد إلا قوله : " بينا أيوب يغتسل إذ خرّ عليه رِجْلٌ من جرادٍ من ذهب " الحديث وقد تقدم . وإذا لم يصح عنه فيه قرآن ولا سنة إلاّ ما ذكرناه ، فمن الذي يوصل السامعَ إلى أيوب خبره ، أم على أي لسان سمعه ؟ والإسرائيلياتُ مرفوضة عند العلماء على البتات ، فأعرضْ عن سطورها بصرك ، وأصمم عن سمعها أُذنيك ، فإنها لا تعطي فكرك إلا خَيالاً ، ولا تزيد فؤادك إلاّ خبالاً " . أقول : " ليس بلازم في ثبوت صبر أيوب اعتقاد أمثال هذه القصص الإسرائيلية ، التي حشا بها بعض المفسّرين كتبهم ، ولا أمثال هذه الغرائب التي لا يصح سندها ولا نسبتها إلى الأنبياء الكرام لأنها تنافي " العصمة " ولا تتفق من المناصب الرفيعة للأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم ، ويكفي أن نقتصر على ما ذكره الله تعالى في كتابه ، ونعرض عن مثل هذه الخرافات والأباطيل ، كزعم بعضهم أنّ أيوب تساقط لحمه من شدة المرض ، وأصبح الدود يخرج من جسمه حتى استقذره القريب والبعيد ، وملّه الصديق والغريب ولم يصبر عليه إلا امرأته ، وأنه عظم بلاؤه حتى أخرج من بيته وألقي على كُناسة ( مزبلة ) . … إلى آخر ما هنالك من حكايات مكذوبة وقصص إسرائيلية تلقّفها بعض القُصّاص ، ودخلت إلى بعض كتب التفسير وهي مما تنافي ( عصمة الأنبياء ) . والذي ينبغي أن يقتصر عليه المسلم أنّ ما أصاب ( أيوب ) من ضر إنما كان مرضاً من الأمراض المستعصية ، التي ينوء بحملها الناس عادة ، ويضجرون من ثقلها ، وخصوصاً إذا امتد الزمن بها ، وأن هذا المرض لم يصل إلى حدّ الاستقذار والنفرة ، وأنه غضب على زوجه لأمرٍ من الأمور فحلف أن يضربها مائة جلدة ، فجعل الله له من أمره فرجاً ومخرجاً ، وسهّل عليه الأمر فجمع لها ( مائة عود ) فضربها بها ضربة واحدة ولم يحنث في يمينه ، وكشف الله عنه ضُرّه وبلاءه . الحكم الثاني : هل يباح للرجل ضرب امرأته تأديباً ؟ استدل بعض العلماء بالآية الكريمة على جواز ضرب الرجل امرأته تأديباً ، وذلك لأن امرأة أيوب أخطأت في حق زوجها فحلف ليضربنّها مائة جلدة ، فأمره الله تعالى أن يضربها بعثكول من عثاكيل النخل أو بحزمةٍ من العيدان ، وذلك ليبرّ في يمينه ولا يحنث ، ولو كان الضرب غير جائز لما أقرَّه القرآن عليه ودلّه على ما هو أرحم . وفي الآية إشارة إلى أنه لا يجوز ضرب المرأة فوق حدود الأدب ، ولهذا قال عليه السلام في حجة الوداع : " واضربوهنّ ضرباً غير مبرِّح " ، والجوازُ لا ينافي الكراهة فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تضربوا إماء الله " فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذأرن النساء على أزواجهن ، فرخّص في ضربهن ، فأطاف بآل النبي صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لقد طاف بآل محمد نساء يشكون أزواجهن ، ليس أولئك بخياركم " . قال الجصاص : " والذي ذكره الله في القرآن وأباحه من ضرب النساء إذا كانت ناشزاً بقوله : { وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ … } [ النساء : 34 ] إلى قوله : { وَٱضْرِبُوهُنَّ } [ النساء : 34 ] وقد دلت قصة أيوب على أن له ضربها تأديباً لغير نشوز وقوله تعالى : { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 34 ] فما روي من القصة فيه يدل على مثل دلالة قصة أيوب ، لأنه روي أن رجلاً لطم امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أهلها القصاص فأنزل الله : { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 34 ] . الحكم الثالث : هل الحكم خاص بأيوب أم هو عام لجميع الناس ؟ اختلف العلماء في هذا الحكم الذي أرشد الله تعالى إليه نبيّه ( أيوب ) عليه السلام هل هو خاص به أم عام لجميع الناس ؟ فذهب ( مجاهد ) إلى أنه خاص بأيوب عليه السلام ، وهو منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو مذهب ( مالك ، وأحمد بن حنبل ) رحمهما الله تعالى . وذهب عطاء بن أبي رباح : وابن أبي ليلى إلى أن الحكم عام ، وأنّ هذه الرخصة لجميع الناس فضلاً من الله تعالى وكرماً ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى . الحكم الرابع : هل يشترط في الضرب أن يكون مفرّقاً ؟ وبناءً على ما سبق فقد اختلف الفقهاء فيمن حلف أن يضرب عبده عشرة أسواط ، فجمعها كلَّها وضربه بها ضربة واحدة ، هل يكفي ذلك أم لا بدّ في الضرب أن يكون مفرقاً ؟ فقال مالك وأحمد : لا يبرّ بيمينه حتى يفرّق الضرب . وقال أبو حنيفة والشافعي : إذا أصابه واحد منها فقد برّ في يمينه ولا يشترط التفريق . حجة المذهب الأول : 1 - إن هذا الأمر خاص بأيوب وزوجه لأن الله تعالى قال : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [ المائدة : 48 ] ولأن زوجة أيوب لم تفعل أمراً تستحق معه جلد مائة ، فجعل الله سبحانه لأيوب فرجاً ومخرجاً بذلك . 2 - ولأنه إذ أقسم بالضرب إنما أراد الإيلام ، وليس في الضرب بالجميع إيلام . 3 - الأيمان مبناها على النية ، فإن لم توجد فعلى اللغة والعرف ، واللغة لا تجعل الضارب مرة بسوط ذي شعب ضارباً مرات بعدد الشعب ، وكذا العرف فوجب أن تجري على ما هو الحكم عندنا بموجب العرف واللغة . حجة المذهب الثاني : 1 - عموم قصة أيوب عليه السلام ، وشرعُ من قبلنا شرع لنا ما لم يأت ناسخ ، وقد جاء في الشرع ما يؤيدها ، ولم يثبت الناسخ . 2 - واستدلوا بحديث أبي أمامة عن بعض الصحابة من الأنصار : أنه اشتكى رجل منهم فعاد جلدةً على عظم ، فدخلت عليه جارية لبعضهم فهشَّ لها ، فوقع عليها ، فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك ، وقال : استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكروا له ذلك ، وقالوا : ما رأينا بأحد من الضر مثل ما به ، ولو حملناه لك لتفسَّخت عظامه ، ما هو إلا جلدٌ على عظم . فأمر صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربونه بها ضربة واحدة . ودلالة الآية ظاهرة على صحة هذا القول . وذلك لأن فاعل ذلك يسمى ضارباً لما شرط من العدد ، وذلك يقتضي البر في يمينه . 3 - وقالوا : إن القرآن حكم بأنه لا يحنث بفعله لقوله تعالى : { فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ } . ولكن يجب أن لا يطبق ذلك في الحدود إلا مقيداً بما ورد الحديث به ، فيكون ذلك حد المريض الذي وصل من المرض إلى الحد الذي وصف في الحديث الشريف . الحكم الخامس : هل تجوز الحيلة في الشريعة الإسلامية ؟ 3 - قال الجصاص : في تفسيره " أحكام القرآن " : ( وفي الآية دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى ما يجوز فعله ، ودفع المكروه بها عن نفسه وعن غيره لأن الله تعالى أمره بضربها بالضغث ليخرج به من اليمين ولا يصل إليها كثير ضرر ) . أقول : هذا هو الحد المقبول من الحيل الشرعية التي توصل إلى ما يجوز فعله وتدفع المكروه عن نفسه وغيره . أما الحيل التي يتوصل بها إلى الهرب من فرائض الله ، والتخلص مما أوجبه الله على الإنسان ، فهذه لا يقبلها ذو قلب سليم ولا يقرها مسلم عاقل ، لأنَّ فرائض الله إنما فرضت لتؤدَّى ، والواجبات إنما شرعت لتقام على وجه الأرض ، لا لتكون طريقاً للتلاعب في أحكام الله . وقد استدل بعض العلماء على جواز الحيلة مطلقاً بهذه الآية . وبقول الله تعالى في قصة يوسف : { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ } [ يوسف : 70 ] ، وليس الأمر كما زعموا فإن ذلك كان بإذن الله ليظهر فضله على سائر إخوته بدليل قوله تعالى : { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } [ يوسف : 76 ] . قال الألوسي : " وعندي أنَّ كل حيلة أوجبت إبطال حكمة شرعية لا تقبل كحيلة ( سقوط الزكاة ) وحيلة ( سقوط الاستبراء ) وهذا كالتوسط في المسألة فإن من العلماء من يجوِّزُ الحيلة مطلقاً ومنهم من لا يجوِّزها مطلقاً " . الحكم السادس : هل أفعال الإلٰه جلّ وعلا تابعة للمصالح ؟ قال الإمام الفخر رحمه الله : ( وفي قصة أيوب عليه السلام دلالة على أن أفعال ذي الجلال والإكرام منزهة عن التعليل بالمصالح والمفاسد { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [ الأنبياء : 23 ] . وذلك لأن أيوب لم يقترف ذنباً حتى يكون ابتلاؤه في مقابلة ذلك الجرم ، وإن كان البلاء ليجزل له الثواب ، فإن الله تعالى قادر على إيصال كل خير ومنفعة إليه من غير توسط تلك الآلام والأسقام ، وحينئذٍ لا يبقى في تلك الأمراض والآفات فائدة . وهذه كلمات ظاهرية جلية والحق الصريح أنه لا يُسأل عما يفعل ) . الحكم السابع : هل البرّ في اليمين أفضل أم الكفارة عن اليمين ؟ في الآية الكريمة دليل على أن البر باليمين ما لم يكن في إثم أفضل من الكفارة . وقد قال ابن تيمية - رحمه الله - إن الكفارة لم تكن مشروعة في زمنه وإلا لأمره الله تعالى بها … وذكره ابن العربي قبله . قال القرطبي : قوله إنه لم يكن في شرعهم كفارة ، ليس بصحيح ، فإن أيوب عليه السلام لما بقي في البلاء ثمان عشرة سنة - كما في حديث ابن شهاب - قال له صاحباه : لقد أذنبتَ ذنباً ما أظن أحداً بلغه . فقال أيوب صلى الله عليه وسلم : ما أدري ما تقولان ، غير أن ربي عز وجلّ يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزاعمان فكلٌّ يحلف بالله ، أو على النفر يتزاعمون فأنقلب إلى أهلي فأكفِّر عن أيمانهم إرادة أن لا يأثم أحد يذكره ، ولا يذكره إلا بحق فنادى ربه : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] … وذكر الحديث . فقد أفادك هذا الحديث أن الكفارة كانت من شرع أيوب ، وأن من كفّر عن غيره بغير إذنه فقد قام بالواجب عنه وسقطت عنه الكفارة . ما ترشد إليه الآيات الكريمة أولاً : إبتلاء الله تعالى لنبيّه أيوب عليه السلام كان امتحاناً لإيمانه ، ورفعاً لمقامه . ثانياً : الإنسان يُبتلى في هذه الحياة على قدر إيمانه ، ولهذا كان الأنبياء أعظم الناس ابتلاءً . ثالثاً : التضرع إلى الله والشكوى إليه سبحانه لا ينافي مقام الصبر الممدوح . رابعاً : كما يبتلي الله سبحانه بالفقر يبتلي بالغنى ، والمؤمن من يشكر الله في السراء والضراء . خامساً : إذا اتقى الإنسان ربه جعل الله له من أمره فرجاً ومخرجاً ، كما صنع بأيوب عليه السلام . سادساً : زوجة أيوب جازاها الله بحسن صبرها ، فأفتاه في ضربها بمائة عود جملة واحدة . سابعاً : اتخاذ الحيلة جائز إذا لم يكن فيها إبطال حق أو هدم أمرٍ من أمور الشرع الحنيف . ثامناً : على الإنسان أن يبرّ في يمينه أو يكفر عنها إذا كان ثمة مصلحة وكان الحنث أفضل من البر . حكمة التشريع لقد نزل الإسلام بتشريعاته وتعالميه ليحكم المجتمع البشري في كل ظروفه وأحواله ، فلهذا أعطى لكل أمر حكماً ، وراعى المصالح في أحكامه وتشريعاته كما راعى اختلاف الطباع الإنسانية ، فعندما أجاز الشارع ضرب المرء زوجه إنما أجازه أولاً وقبل كل شيء في حدود ، وأن لا يكون الضرب مبرِّحاً ، ولا يتعدى حدود التأديب والتهذيب ، ومع ذلك فقد اعتبر ضرب الأزواج غير ممدوح فاعله ، وتبدو حكمة الترخيص بالضرب جلية في نساء مخصوصات تعوَّدن عليه ، ونشأن في ظلاله ، فلم يعد من الممكن تأديبهن إلا بهذه الطريق فأجازها الشارع لذلك . يقول شهيد الإسلام سيد قطب في كتابه " الظلال " ما نصه : " وقصة ابتلاء أيوب وصبره ذائعة مشهورة ، وهي تضرب مثلاً للابتلاء والصبر ولكنها مشوبة بإسرائيليات تطغى عليها ، والحد المأمون في هذه القصَّة هو أن أيوب عليه السلام كان كما جاء في القرآن عبداً صالحاً أوّاباً ، وقد ابتلاه الله فصبر صبراً جميلاً ، ويبدو أن ابتلاءه كان بذهاب المال والأهل والصحة جميعاً ولكنه ظل على صلته بربه ، وثقته به ، ورضاه بما قسم له . وكان الشيطان يوسوس لخلصائه القلائل الذين بقوا على وفائهم له ، ومنهم زوجته بأنَّ اللَّهَ لو كان يحب أيوب ما ابتلاه ، وكانوا يحدِّثونه بهذا فيؤذيه في نفسه أشد ما يؤذيه الضر والبلاء . فلما حدثته امرأته ببعض هذه الوسوسة حلف لئن شفاه الله ليضربنها عدداً عيَّنه ، قيل مائة . وعندئذ توجه إلى ربه بالشكوى مما يلقى من إيذاء الشيطان ، ومداخله إلى نفوس خلصائه ، ووقع هذا الإيذاء في نفسه : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } . فلما عرف ربُّه منه صدقه وصبره ، ونفوره من محاولات الشيطان وتأذيه بها ، أدركه برحمته ، وأنهى ابتلاءه ، ورد عليه عافيته إذ أمره أن يضرب الأرض بقدمه فتتفجر عين باردة يغتسل منها ويشرب فيشفى ويبرأ { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } . ويقول القرآن الكريم : { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَٰبِ } . وتقول بعض الروايات : إن الله أحيا له أبناءه ، ووهب له مثلهم ، وليس في النص ما يحتِّم أنه أحيا له من مات ، وقد يكون معناه أنه بعودته إلى الصحة والعافية قد استرد أهله الذين كانوا بالنسبة إليه كالمفقودين ، وأنه رزقه بغيرهم زيادة في الإنعام والرحمة والرعاية مما يصلح ذكرى لذوي العقول والإدراك . والمهم في معرض القصص هنا هو تصوير رحمة الله وفضله على عباده الذين يبتليهم فيصبرون على بلائه ، وترضى نفوسهم بقضائه . فأما قسمه ليضربن زوجه ، فرحمة من الله ، وبزوجه التي قامت على رعايته ، وصبرت على بلائه وبلائها به ، أمره الله أن يأخذ مجموعة من العيدان بالعدد الذي حدده فيضربها به ضربة واحدة تجزئ عن يمينه فلا يحنث فيها : { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ } . هذا التيسير وذلك الإنعام ، كانا جزاء على ما علمه الله من عبده أيوب من الصبر على البلاء وحسن الطاعة والالتجاء { إِنَّا وَجَدْنَٰهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } .