Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىۤ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } معنى سبحان تنزه ، وهو مصدر غير منصرف ، وأسرى وسرى لغتان ، وهو فعل غير متعدّ ، واختار ابن عطية أن يكون أسرى هنا متعدياً أي أسرى الملائكة بعبده وهو بعيد ، والعبد هنا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنما وصفه بالعبودية تشريفاً له وتقريباً { لَيْلاً } إن قيل : ما فائدة قوله ليلاً مع أن السرى هو بالليل ؟ فالجواب : أنه أراد بقوله : ليلاً بلفظ التنكير تقليل مدّة الإسراء ، وأنه أسرى به في بعض الليل مسيرة أربعين ليلة ، وذلك أبلغ في الأعجوبة { مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا } يعني بالمسجد الحرام مسجد مكة المحيط بالكعبة ، وقد روي في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا نائم في الحجر إذ جاءني جبريل " وقيل : كان النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء في بيته ، فالمسجد الحرام على هذا مكة أي بلد المسجد الحرام ؛ وأما المسجد الأقصى فهو بيت المقدس الذي بإيلياء ، وسُمِّيَ الأقصى لأنه لم يكن وراءه حينئذ مسجد ، ويحتمل أن يريد بالأقصى الأبعد ؛ فيكون المقصد إظهار العجب في الإسراء إلى هذا الموضع البعيد في ليلة ، واختلف العلماء في كيفية الإسراء ، فقال الجمهور : كان بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه ، وقال قوم : كان بروحه خاصة وكانت رؤيا نوم حق ، فحجة الجمهور ؛ أنه لو كان مناماً لم تنكره قريش ، ولم يكن في ذلك ما يكذب به الكفار ، ألا ترى قول أم هانئ له : لا تخبر بذلك فيكذبك قومك ، وحجة من قال : أن الإسراء كان مناماً قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ، وإنما يقال الرؤيا في المنام ، ويقال فيما يرى بالعين رؤية ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : بينما أنا بين النائم واليقظان وذكر الإسراء ، وقال في آخر الحديث : فاستيقظت وأنا في المسجد الحرام ، وجمع بعض الناس بين الأدلة فقال : الإسراء كان مرتين : أحدهما بالجسد والآخر بالروح ، وأن الإسراء بالجسد كان من مكة إلى بيت المقدس ، وهو الذي أنكرته قريش ، وأن الإسراء بالروح كان إلى السمٰوات السبع ، ليلة فرضت الصلوات الخمس ، ولقي الأنبياء في السمٰوات { ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } صفة للمسجد الأقصى ، والبركة حوله بوجهين : أحدهما : ما كان فيه وفي نواحيه من الأنبياء ، والآخر : كثرة ما فيه من الزروع والأشجار التي خص الله بها الشام { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَٰتِنَآ } أي لنري محمداً صلى الله عليه وسلم تلك الليلة من العجائب ، فإنه رأى السمٰوات والجنة والنار وسدرة المنتهى والملائكة والأنبياء ، وكلمه الله تعالى حسبما ورد في أحاديث الإسراء ، وهي في مصنفات الحديث فأغنى ذلك عن ذكرها هنا .