Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 10-12)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ } نذكر من قصتهم على وجه الاختصار ما لا غنى عنه ، إذ قد أكثر الناس فيها مع قلة الصحة في كثير مما نقلوا ، وذلك أنهم كانوا قوماً مؤمنين ، وكان ملك بلادهم كافراً يقتل كل مؤمن ، ففروا بدينهم ، ودخلوا الكهف ليعبدوا الله فيه ويستخفوا من الملك وقومه ، فأمر الملك باتباعهم ، فانتهى المتبعون لهم إلى الغار فوجدوهم ، وعرفوا الملك بذلك فوقف عليه في جنده وأمر بالدخول إليهم ، فهاب الرجال ذلك وقالوا له : دعهم يموتوا جوعاً وعطشاً ، وكان الله قد ألقى عليهم نوماً ثقيلاً ، فبقوا على ذلك مدّة طويلة ثم أيقظهم الله ، وظنوا أنهم لبثوا يوماً أو بعض يوم ، فبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاماً بدراهم كانت لهم ، فعجب لها البائع وقال : هذه الدراهم من عهد فلان الملك في قديم الزمان من أين جاءتك ؟ وشاع الكلام بذلك في الناس ، وقال الرجل : إنما خرجت أنا وأصحابي بالأمس فأوينا إلى الكهف ، فقال : هؤلاء الفتية الذين ذهبوا في الزمان القديم فمشوا إليهم فوجدوهم موتى ، وأما موضع كهفهم ، فقيل إنه بمقربة من فلسطين وقال قوم : إنه الكهف الذي بالأندلس بمقربة من لوشة من جهة غرناطة ، وفيه موتى ومعهم كلب ، وقد ذكر ابن عطية ذلك ، وقال : إنه دخل عليهم ورآهم وعليهم مسجد ، وقريب منهم بناء يقال له الرقيم قد بقي بعض جدرانه ، وروي أن تلك الذي كانوا في زمانه اسمه دقيوس ، وفي تلك الجهة آثار مدينة يقال لها مدينة دقيوس والله أعلم . ومما يبعد ذلك ما روي أن معاوية مر عليهم وأراد الدخول إليهم ، ولم يدخل معاوية الأندلس قط ، وأيضاً فإن الموتى التي في غار لوشة يراهم الناس ، ولم يدرك أحد منهم الرعب ، الذي ذكر الله في أصحاب الكهف { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ } عبارة عن إلقاء النوم عليهم ، وقال الزمخشري : المعنى ضربنا على آذانهم حجاباً ثم حذف هذا المفعول { سِنِينَ عَدَداً } أي كثيرة { ثُمَّ بَعَثْنَٰهُمْ } أي أيقظناهم من نومهم { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } أي لنعلم علماً يظهر في الوجود ، لأن الله قد كان علم ذلك ، والمراد ، بالحزبين الذين اختلفوا في مدة لبثهم ، فالحزب الواحد : أصحاب الكهف والحزب الآخر القوم الذين بعث الله أصحاب الكهف في مدتهم وقيل : إن الحزبين معاً أصحاب الكهف إذ كان بعضهم قد قال : لبثنا يوماً أو بعض يوم ، وقال بعضهم : ربكم أعلم بما لبثتم ، وأحصى فعل ماض ، وأمداً مفعول به ، وقيل : أحصى اسم للتفضيل ، وأمداً تمييز ، وهذا ضعيف ، لأن أفعل من التي للتفضيل لا يكون من فعل رباعي إلا في الشاذ .