Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 275-276)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَٰواْ } أي ينتفعون به ، وعبر عن ذلك بالأكل لأنه أغلب المنافع . وسواء من أعطاه أو من أخذه ، والربا في اللغة الزيادة ، ثم استعمل في الشريعة في بيوعات ممنوعة أكثرها راجع إلى الزيادة ، فإنّ غالب الربا في الجاهلية قولهم للغريم : أتقضي أم تربي ، فكان الغريم يزيد في عدد المال ، ويصبر الطالب عليه ، ثم إن الربا على نوعين : ربا النسيئة ، وربا التفاضل وكلاهما يكون في الذهب والفضة ، وفي الطعام ، فأما النسيئة ؛ فتحرم في بيع الذهب بالذهب وبيع الفضة بالفضة وفي بيع الذهب بالفضة ، وهو الصرف ، وفي الطعام بالطعام مطلقاً ، وأما التفاضل : فإنما يحرم في بيع الجنس الواحد بجنسه من النقدين ومن الطعام ، ومذهب مالك أنه يحرم التفاضل في المقتات المدخر من الطعام ، ومذهب الشافعي أنه يحرم في كل طعام ، ومذهب أبي حنيفة أنه يحرم في المكيل والموزون من الطعام وغيره { لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَٰنُ مِنَ ٱلْمَسِّ } أجمع المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلاّ كالمجنون ، ويتخبطه يتفعله من قولك : خبط يخبط ، والمس الجنون ، ومن تتعلق بيقوم { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ } تعليل للعقاب الذي يصيبهم ، وإنما هذا للكفار ، لأن قولهم : إنما البيع مثل الربا : ردّ على الشريعة وتكذيب للإثم وقد يأخذ العصاة بحظ من هذا الوعيد ، فإن قيل : هلا قيل إنما الربا مثل البيع ، لأنهم قاسوا الربا على البيع في الجواز ، فالجواب : أن هذا مبالغة ، فإنهم جعلوا الربا أصلاً حتى شبهوا به البيع { وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ } عموم يخرج منه البيوع الممنوعة شرعاً ، وقد عددناها في الفقه ثمانين نوعاً { وَحَرَّمَ ٱلرِّبَٰواْ } ردّ على الكفار وإنكار للتسوية بين البيع والربا ، وفي ذلك دليل على أن القياس يهدمه النص ، لأنه جعل الدليل على بطلان قياسهم تحليل الله وتحريمه { فَلَهُ مَا سَلَفَ } أي له ما أخذ من الربا ، أي لا يؤاخذ بما فعل منه قبل نزول التحريم { وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ } الضمير عائد على صاحب الربا ، والمعنى أن الله يحكم فيه يوم القيامة ، فلا تؤاخذوه في الدنيا ، وقيل : الضمير عائد على الربا ، والمعنى أن أمر الربا إلى الله في تحريم أو غير ذلك { وَمَنْ عَادَ } الآية : يعني من عاد إلى فعل الربا وإلى القول : إنما البيع مثل الربا ، ولذلك حكم عليه بالخلود في النار ، لأن ذلك القول لا يصدر إلاّ من كافر ، فلا حجة فيها لمن قال بتخليد العصاة لكونها في الكفار { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَٰواْ } ينقصه ويذهبه { وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ } ينميها في الدنيا بالبركة ، وفي الآخرة بمضاعفة الثواب { كَفَّارٍ أَثِيمٍ } أي من يجمع بين الكفر والإثم بفعل الربا ، وهذا يدل على أن الآية في الكفار .