Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 65-65)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } هذه الآية تقتضي انفراد الله تعالى بعلم الغيب ، وأنه لا يعلمه سواه ، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها : من زعم أن محمداً يعلم الغيب فقد أعظم الفرية على الله ، ثم قرأت هذه الآية ، فإن قيل : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر بالغيوب وذلك معدود في معجزاته ، فالجواب : أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إني لا أعلم الغيب إلا ما علمني الله " ، فإن قيل : كيف ذلك مع ما ظهر من إخبار الكهان والمنجمين ، وأشباههم ، بالأمور المغيبة ؟ فالجواب : أن إخبارهم بذلك عن ظن ضعيف أو عن وهم لا عن علم ، وإنما اقتضت الآية نفي العلم ، وقد قيل : إن الغيب في هذه الآية يراد به متى تقوم الساعة ، لأن سبب نزولها أنهم سألوا عن ذلك ، ولذلك قال : { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } ، فعلى هذا يندفع السؤال الأول ، والثاني لأن علم الساعة انفرد به الله تعالى لقوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } [ الأحزاب : 63 ] ولقوله صلى الله عليه وسلم : " في خمس لا يعلمها إلا الله ، ثم قرأ : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } إلى آخر السورة " ، فإن قيل : كيف قال : { إِلاَّ ٱللَّهُ } بالرفع على البدل والبدل ، لا يصح إلا إذا كان الاستثناء متصلاً ، ويكون ما بعد إلا من جنس ما قبلها والله تعالى ليس ممن في السمٰوات والأرض باتفاق ؟ فإن القائلين بالجهة والمكان يقولون إنه فوق السمٰوات والأرض ، والقائلين بنفي الجهة يقولون : إن الله تعالى ليس بهما ولا فوقهما ، ولا داخلاً فيهما ، ولا خارجاً عنهما ، فهو على هذا استثناء منقطع ، فكان يجب أن يكون منصوباً فالجواب من أربعة أوجه : الأول أن البدل هنا جاء على لغة بني تميم في البدل ، وإن كان منقطعاً كقولهم ما في الدار أحد إلا حمار بالرفع ، والحمار ليس من الأحدين وهذا ضعيف ، لأن القرآن أنزل بلغة الحجاز لا بلغة بني تميم ، والثاني أن الله في السمٰوات والأرض بعلمه كما قال : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } [ الحديد : 4 ] يعني بعلمه ، فجاء البدل على هذا المعنى وهذا ضعيف ، لأن قوله : { فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ } وقعت فيه لفظة في الظرفية الحقيقية ، وهي في حق الله على هذا المعنى للظرفية المجازية ، ولا يجوز استعمال لفظة واحدة في الحقيقة والمجاز في حالة واحدة عند المحققين ، الجواب الثالث أن قوله : { مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ } يراد به كل موجود فكأنه قال من في الوجود فيكون الاستثناء على هذا متصلاً ، فيصح الرفع على البدل ، وإنما قال { مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ } جرياً على منهاج كلام العرب فهو لفظ خاص يراد به ما هو أعم منه : الجواب الرابع أن يكون الاستثناء متصلاً على أن يتأول من في السمٰوات في حق الله كما يتأول قوله { ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ } [ الملك : 16 ] وحديث الجارية وشبه ذلك { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } أي لا يشعرون من في السمٰوات والأرض متى يبعثون ، لأنّ علم الساعة مما انفرد به الله ، روي أن سبب نزول هذه الآية أن قريشاً سألوا النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة ؟