Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 97-99)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فِيهِ آيَٰتٌ بَيِّـنَٰتٌ } آيات البيت كثيرة . منها الحجر الذي هو مقام إبراهيم ، وهو الذي قام عليه حين رفع القواعد من البيت ، فكان كلما طال النباء ارتفع به الحجر في الهواء حتى أكمل البناء ، وغرقت قدم إبراهيم في الحجر كأنها في طين ، وذلك الأثر باق إلى اليوم ، ومنها أن الطيور لا تعلوه ، ومنها إهلاك أصحاب الفيل ، ورد الجبابرة عنه ، ونبع زمزم لهاجر أم إسماعيل بهمز جبريل بعقبه ، وحفر عبد المطلب بعد دثورها وأن ماءها ينفع لما شرب به ، إلى غير ذلك { مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ } قيل : إنه بدل من الآيات أو عطف بيان ، وإنما جاز بدل الواحد من الجمع لأن المقام يحتوي على آيات كثيرة ؛ لدلالته على قدرة الله تعالى ، وعلى نبوة إبراهيم وغير ذلك ، وقيل : الآيات ؛ مقام إبراهيم وأمن من دخله ، فعلى هذا يكون قوله : { وَمَن دَخَلَهُ } عطفاً ، وعلى الأول استئنافاً ، وقيل : التقدير ؛ منهن مقام إبراهيم ، فهو على هذا مبتدأ ، والمقام هو الحجر المذكور ، وقيل : البيت كله ، وقيل : مكة كلها { كَانَ آمِناً } أي آمناً من العذاب ، فإنه كان في الجاهلية إذا فعل أحد جريمة ثم لجأ إلى البيت لا يطلب ، ولا يعاقب ، فأما في الإسلام فإنّ الحرم لا يمنع من الحدود ، ولا من القصاص ، وقال ابن عباس وأبو حنيفة : ذلك الحكم باق في الإسلام إلاّ أن من وجب عليه حدّ أو قصاص فدخل الحرم لا يطعم ولا يباع منه حتى يخرج ، وقيل : آمناً من النار . { حِجُّ ٱلْبَيْتِ } بيان لوجوب الحج واختلف هل هو على الفور أو على التراخي ؟ وفي الآية ردّ على اليهود لما زعموا أنهم على ملة إبراهيم . قيل لهم : إن كنتم صادقين فحجوا البيت الذي بناه إبراهيم ودعا الناس إليه { مَنِ ٱسْتَطَاعَ } بدل من الناس ، وقيل : فاعل بالمصدر ، وهو حج ؛ وقيل : شرط مبتدأ ؛ أي : من استطاع فعليه الحج ؛ والاستطاعة عند مالك هي : القدرة على الوصول إلى مكة بصحة البدن ، إما راجلاً وإما راكباً ، مع الزاد المبلغ والطريق الآمن . وقيل : الاستطاعة الزاد والراحلة ، وهو مذهب الشافعي وعبد الملك بن حبيب ، وروي في ذلك حديث ضعيف { وَمَن كَفَرَ } قيل : المعنى من لم يحج ، وعبر عنه بالكفر تغليظاً كقوله صلى الله عليه وسلم : " من ترك الصلاة فقد كفر " ، وقيل : أراد اليهود لأنهم لا يحجّون ، وقيل : من زعم أن الحج ليس بواجب { لِمَ تَكْفُرُونَ } توبيخ اليهود { لِمَ تَصُدُّونَ } توبيخ أيضاً . وكانوا يمنعون الناس من الإسلام ويرومون فتنة المسلمين عن دينهم { سَبِيلِ ٱللَّهِ } هنا الإسلام { تَبْغُونَهَا عِوَجاً } الضمير يعود على السبيل ، أي تطلبون لها الاعوجاج { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } [ آل عمران : 70 ] أي تشهدون أن الإسلام حق .