Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 8-12)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً } الآية : فيها ثلاثة أقوال : الأول أنها عبارة عن تماديهم على الكفر ، ومنع الله لهم من الإيمان ، فشبههم بمن جعل في عنقه غل يمنعه من الالتفات ، وغطى على بصره فصار لا يرى ، والثاني أنها عبارة عن كفهم عن إذاية النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد أبو جهل أن يرميه بحجر ، فرجع عنه فزعاً مرعوباً ، والثالث : أن ذلك حقيقة في حالهم في جهنم ، والأول أظهر وأرجح لقوله قبلها { فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } وقوله بعدها { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } { فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ } الذقن هي طرف الوجه حيث تنبت اللحية ، والضمير للأغلال ، وذلك أن الغل حلقة في العنق ، فإذا كان واسعاً عريضاً وصل إلى الدقن فكان أشدّ على المغلول ، وقيل : الضمير للأيدي على أنها لم يتقدم لها ذكر ، ولكنها تفهم من سياق الكلام ، لأن المغلول تضم يداه في الغل إلى عنقه ، وفي مصحف ابن مسعود : { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ } . وهذه القراءة تدل على هذا المعنى ، وقد أنكره الزمخشري { فَهُم مُّقْمَحُونَ } يقال قمح البعير إذا رفع رأسه ، وأقمحه غيره إذا فعل به ذلك ، والمعنى أنهم لما اشتدت الأغلال حتى وصلت إلى أذقانهم اضطرت رؤوسهم إلى الارتفاع ، وقيل : معنى { مُّقْمَحُونَ } ممنوعون من كل خير . { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } الآية : السّد الحائل بين الشيئين ، وذلك عبارة عن منعم من الإيمان { فَأغْشَيْنَاهُمْ } أي غطينا على أبصارهم وذلك أيضاً مجاز يراد به إضلالهم { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ } الآية : ذكرنا معناها وإعرابها في [ البقرة : 6 ] { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ } المعنى أن الإنذار لا ينفع إلا من اتبع الذكر وهو القرآن { وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } معناه كقولك : إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وقد ذكرناه في [ فاطر : 18 ] { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ } أي نبعثهم يوم القيامة ، وقيل : إحياؤهم إخراجهم من الشرك إلى الإيمان ، والأوّل أظهر { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ } أي ما قدموا من أعمالهم ، وما تركوه بعدهم ، كعلم علموه أو تحبيس حبسوه ، وقيل : الأثر هنا : الخطا إلى المساجد ، وجاء ذلك في الحديث { إِمَامٍ مُّبِينٍ } أي في كتاب وهو اللوح المحفوظ أو صحائف الأعمال .