Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 100-112)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } يعني ولداً من الصالحين { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } أي عاقل واختلف الناس في هذا الغلام المبشر به في هذا الموضع وهو الذبيح ، هل هو إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال ابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين هو إسماعيل . وحجتهم من ثلاثة أوجه الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنا ابن الذابحين يعني إسماعيل عليه السلام ، ووالده عبد الله ، حين نذر والده عبد المطلب أن ينحر [ أحد أولاده وأصابت القرعة عبد الله ] إن يسر الله له أمر زمزم ، ففداه بمائة من الإبل والثاني أن الله تعالى قال بعد تمام قصة الذبيح { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ } فدل ذلك على أن الذبيح غيره والثالث أنه روي أن إبراهيم جرت له قصة الذبح بمكة ، وإنما كان معه بمكة إسماعيل . وذهب عليّ بن أبي طالب وابن مسعود وجماعة من التابعين إلى أن الذبيح إسحاق وحجتهم من وجهين الأول أن البشارة المعروفة لإبراهيم بالوادي إنما كانت بإسحاق لقوله : { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ } ومن وراء إسحاق يعقوب ، والثاني أنه روي أن يعقوب كان يكتب من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله . { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ } يريد بالسعي هنا العمل والعبادة ، وقيل : المشي وكان حينئذ ابن ثلاثة عشر سنة { قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } يحتمل أن يكون رأى في المنام الذبح وهو الفعل ، أو أمر في المنام أنه يذبحه ، والأول أظهر في اللفظ هنا ، والثاني أظهر في قوله : { ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ } ورؤيا الأنبياء حق ، فوجب عليه الامتثال على الوجهين { فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ } إن قيل : لم شاوره في أمر هو حتم من الله ؟ فالجواب : أنه لم يشاوره ليرجع إلى رأيه ، ولكن ليعلم ما عنده فيثبت قلبه ويوطن نفسه على الصبر ، فأجابه بأحسن جواب { فَلَمَّا أَسْلَمَا } أي إستسلما وانقادا لأمر الله { وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } أي صرعه بالأرض على جبينه وللإنسان جبينان حول الجبهة ، وجواب لما محذوف عند البصريين تقديره ، فلما أسلما كان ما كان من الأمر العظيم ، وقال الكوفيون : جوابها تله والواو زائدة ، وقال بعضهم : جوابها : ناديناه والواو زائدة { قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ } يحتمل أنه يريد بقلبك أي كانت عندك رؤيا صادقة فعملت بحسبها ، ويحتمل أن يريد بعملك أي وفيت حقها من العمل ، فإن قيل : إنه أمر بالذبح ولم يذبح ، فكيف قيل له : صدقت الرؤيا ؟ فالجواب أنه قد بذل جهده إذ قد عزم على الذبح ولو لم يَفْدِه الله لذبحه ، ولكن الله هو الذي منعه من ذبحه لما فداه ، فامتناع ذبح الولد إنما كان من الله وبأمر الله ، وقد قضى إبراهيم ما عليه { ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } الذي يظهر به طاعة الله أو المحنة البينة الصعوبة . { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } الذبح اسم لما يذبح ، وأراد به هنا الكبش الذي فدى به ، وروي أنه من كباش الجنة ، وقيل : إنه الكبش الذي قرب به ولد آدم ، ووصفه بعظيم لذلك ، أو لأنه من عند الله أو لأنه متقبل ، وروي في القصص أن الذبيح قال لإبراهيم : أشدد رباطي لئلا أضطرب ، وأصرف بصرك عني لئلا ترحمني ، وأنه أمر الشفرة على حلقه فلم تقطع ، فحينئذ جاءه الكبش من عند الله ، وقد أكثر الناس في قصص هذه الآية وتركناه لعدم صحته { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } إن قيل : لم قال هنا في قصة إبراهيم كذلك دون قوله إنا ، وقال في غيرها إنا ، فالجواب أنه قد تقدم في قصة إبراهيم نفسها ، إنا كذلك فأغنى عن تكرار أنا .