Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 17-18)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } الأيد القوة ، وكان داود جمع قوة البدن وقوة الدين والملك والجنود ، والأواب : الرجاع إلى الله ، فإن قيل : ما المناسبة بين أمر الله لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر على أقوال الكفار وبين أمره له بذكر داود ؟ فالجواب عندي أن ذكر داود ومن بعده من الأنبياء في هذه السورة فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، ووعد له بالنصر وتفريج الكرب ، وإعانة له على ما أمر به من الصبر ، وذلك أن الله ذكر ما أنعم به على داود من تسخير الطير والجبال ، وشدّة ملكه ، وإعطائه الحكمة وفصل الخطاب ، ثم الخاتمة له في الآخرة بالزلفى وحسن المآب ، فكأنه يقول : يا محمد كما أنعمنا على داود بهذه النعمم كذلك ننعم عليك ، فاصبر ولا تحزن على ما يقولون ، ثم ذكر ما أعطى سليمان من الملك العظيم ، وتسخير الريح والجن والخاتمة بالزلفى وحسن المآب ، ثم ذكر من ذكر بعد ذلك من الأنبياء . والمقصد : ذكر الإنعام عليهم لتقوية قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيضاً فإن داود وسليمان وأيوب أصابتهم شدائد ثم فرّجها الله عنهم ، وأعقبها بالخير العظيم ، فأمر سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بذكرهم ، ليعلمه أنه يفرج عنه ما يلقى من إذاية قومه ، ويعقبها بالنصر والظهور عليهم ، فالمناسبة في ذلك ظاهرة وقال ابن عطية : المعنى : اذكر داود ذا الأيدي في الدين فتأسَّ به وتأيد كما تأيد ، وأجاب الزمخشري : عن السؤال فإنه قال : كأن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : اصبر على ما يقولون ، وعظم أمر المعصية في أعين الكفار بذكر قصة داود ، وذلك أنه نبي كريم عند الله ثم زلَّ زلة فوبخه الله عليها فاستغفر وأناب ، فما الظن بكم مع كفركم ومعاصيكم ؛ وهذا الجواب لا يخفى ما فيه من سوء الأدب مع داود عليه السلام حيث جعله مثالاً يهدد الله به الكفار ، وصرح بأنه زل وأن الله وبخه على زلته ، ومعاذ الله من ذكر الأنبياء بمثل هذا { وَٱلإِشْرَاقِ } يعني : وقت الإشراق وهو حين تشرق الشمس ، أي تضيء ويصفر شعاعها وهو وقت الضحى ، وأما شروقها فطلوعها .