Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 11-12)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } أي قصد إليها ، ويقتضي هذا الترتيب : أن الأرض خلقت قبل السماء ، فإن قيل : كيف الجمع بين ذلك وبين قوله : { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [ النازعات : 30 ] فالجواب لأنها خلقت قبل السماء ثم دحيت بعد ذلك { وَهِيَ دُخَانٌ } روي أنه كان العرش على الماء ، فأخرج إليه من الماء دخان فارتفع فوق الماء فأيبس الماء فصار أرضاً ، ثم خلق السمٰوات من الدخان المرتفع { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } هذه عبارة عن لزوم طاعتها ، كما يقول الملك لمن تحت يده : افعل كذا شئت أو أبيت ، أي : لا بد لك من فعله ، وقيل : تقديره ائتيا طوعاً وإلا أتيتما كرهاً ، ومعنى هذا الإتيان تصويرهما على الكيفية التي أرادها الله ، وقوله لهما { أَتَيْنَا } مجاز ، وهو عبارة عن تكوينه لهما وكذلك قولهما : أتينا طائعين عبارة عن أنهما لم يمتنعا عليه حين أراد تكوينهما ، وقيل : بل ذلك حقيقة وأنطق الله الأرض والسماء بقولهما : { أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } وإنما جمع طائعين جمع العقلاء لوصفهما بأوصاف العقلاء { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } أي صنعهنّ والضمير للسمٰوات السبع ، وانتصابها على التمييز تفسيراً للضمير ، وأعاد عليها ضمير الجماعة المؤنثة لأنها لا تعقل ، فهو كقولك : الجذوع انكسرت ، وجمعهما جمع المفكر العاقل في قوله : { طَآئِعِينَ } ، لأنه وصفهما بالطوع ، وهو فعل العقلاء فعاملهما معاملتهم فهو كقوله في [ سورة يوسف : 4 ] : { رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } وأعاد ضمير التثنية في قوله : { قَالَتَآ أَتَيْنَا } لأنه جعل الأرض فرقة والسماء أخرى { وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } أي أوحى إلى سكانها من الملائكة ، وإليها نفسها ما شاء من الأمور ، التي بها قوامها وصلاحها ، وأضاف الأمر إليها لأنه فيها { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } يعني الشمس والقمر والنجوم ، وهي زينة للسماء الدنيا سواء كانت فيها أو فيما فوقها من السمٰوات { وَحِفْظاً } تقديره : وحفظناها حفظاً ويجوز أن يكون مفعولاً من أجله ، على المعنى كأنه قال : وخلقنا المصابيح زينة وحفظاً .