Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 1-2)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } يحتمل هذا الفتح في اللغة أن يكون بمعنى الحكم ، أي حكمنا لك على أعدائك ، أو من الفتح بمعنى العطاء كقوله : { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } [ فاطر : 2 ] أو من فتح البلاد ، واختلف في المراد بهذا الفتح على أربعة أقوال : الأول أنه فتح مكة وعده الله به قبل أن يكون ، وذِكرُه بلفظ الماضي لتحققه ، وهو على هذا بمعنى فتح البلاد ، الثاني أنه ما جرى في الحديبية من بيعة الرضوان ، ومن الصلح الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قريش ، وهو على هذا بمعنى الحكم ، أو بمعنى العطاء ، ويدل على صحة هذا القول : أنه لما وقع صلح الحديبية ، شق ذلك على بعض المسلمين لشروط كانت فيه ، حتى أنزل الله هذه السورة ، ويتبين أن ذلك الصلح له عاقبة محمود ، وهذا هو الأصح ؛ لأنه رُوي أنها لما نزلت قال بعض الناس : " ما هذا الفتح وقد صدنا المشركون عن البيت ؟ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل هو أعظم الفتوح ، وقد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالروح ، ورغبوا إليكم في الأمان " ، الثالث أنه ما أصاب المسلمون بعد الحديبية من الفتوح كفتح خيبر وغيرها ، الرابع أنه الهداية إلى الإسلام ودليل هذا القول قوله : { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ } فجعل الفتح علة للمغفرة ، ولا حجة في ذلك إذ يتصور في الجهاد وغيره أن يكون علة للمغفرة أيضاً ، أو تكون اللام ، للصيرورة والعاقبة لا للتعليل ؛ فيكون المعنى : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } فكان عاقبة أمرك أن جمع الله لك بين سعادة الدنيا والآخرة ؛ بأن غفر لك ، وأتم نعمته عليك ، وهداك ونصرك .