Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 152-152)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذٰلِكُمْ وَصَّٰكُمْ بِهِ } به فضمن التحريم معنى الوصية ، والوصية في المعنى أعمّ من التحريم ، لأن الوصية تكون بتحريم وبتحليل ، وبوجوب وندب ، ولا ينكر أن يريد بالتحريم ، لأن الوصية لأن العرب قد تذكر اللفظ الخاص وتريد به العموم ، كما تذكر اللفظ العام وتريد به الخصوص ، إذ تقرر هذا ، فتقدير الكلام : قل تعالوا أتل ما وصاكم به ربكم ، ثم أبدل منه على وجه التفسير له والبيان ، فقال : أن لا تشركوا به شيئاً ، أي وصاكم ألا تشركوا به شيئاً ووصاكم بالإحسان بالوالدين ، ووصاكم أن لا تقتلوا أولادكم ، فجمعت الوصية ترك الإشراك وفعل الإحسان بالوالدين وما بعد ذلك ويؤيد هذا التأويل الذي تأولنا : أن الآيات اشتملت على أوامر : كالإحسان بالوالدين وقول العدل والوفاء في الوزن ، وعلى نواهي : كالإشراك وقتل النفس ، وأكل مال اليتيم ، فلا بد أن يكون اللفظ المقدم في أولها لفظاً يجمع الأوامر والنواهي ، لأنها أجملت فيه ، ثم فسرت بعد ذلك ، ويصلح لذلك لفظ الوصية لأنه جامع للأمر والنهي ، فلذلك جعلنا التحريم بمعنى الوصية ويدل على ذلك ذكر لفظ الوصية بعد ذلك ، وإن لم يتأول على ما ذكرناه : لزم في الآية إشكال ، وهو عطف الأوامر على النواهي ، وعطف النواهي على الأوامر ، فإن الأوامر طلب فعلها ، والنواهي طلب تركها ، وواو العطف تقتضي الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه ، ولا يصح ذلك إلا على الوجه الذي تأولناه من عموم الوصية للفعل والترك . وتحتمل الآية عندي تأويلاً آخر ، وهو : أن يكون لفظ التحريم على ظاهره ، ويعم فعل المحرمات ، وترك الواجبات لأن ترك الواجبات حرام { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلٰدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلٰقٍ } [ الإسراء : 31 ] الإملاق الفاقة ، ومن هنا للتعليل تقديره : من أجل إملاق ، وإنما نهى عن قتل الأولاد لأجل الفاقة ، لأن العرب كانوا يفعلون ذلك ، فخرج مخرج الغالب فلا يفهم منه إباحة قتلهم بغير ذلك الوجه { مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } [ الأنعام : 151 ] قيل ما ظهر : الزنا ، وما بطن : اتخاذ الأخدان والصحيح أن ذلك عموم في جميع الفواحش { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } [ الإسراء : 33 ] فسره قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ مسلم إلى بإحدى ثلاث : زنى بعد إحصان ، أو كفر بعد إيمان ، أو قتل نفس بغير نفس " { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } النهي عن القرب يعم وجوه التصرف ، وفيه سدّ الذريعة ، لأنه إذا نهى عن أن يقرب المال ، فالنهي عن أكله أولى وأحرى . والتي هي أحسن منفعة اليتيم وتثمير ماله { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } هو البلوغ مع الرشد ، وليس المقصود هنا السن وحده ، وإنما المقصود معرفته بمصالحه { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } لما أمر بالقسط في الكيل والوزن ، وقد علم أن القسط الذي لا زيادة فيه ولا نقصان مما يجري فيه الحرج ولا يتحقق الوصول إليه أمر بما في الوسع من ذلك وعفا عما سواه { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } أي ولو كان المقول له أو عليه في شهادة أو غيرها من أهل قرابة القائل ، فلا ينبغي أن يزيد ولا ينقص بل يعدل .