Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 1-1)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } العدو يطلق على الواحد والجماعة ، والمراد به هنا كفار قريش ، وهذه الآية نزلت بسبب حاطب بن أبي بلتعة ، وذلك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الخروج إلى مكة عام الحديبية ، فورَّى عن ذلك بخيبر . فشاع في الناس أنه خارج إلى خيبر ، وأخبر هو جماعةً من كبار أصحابه بقصده إلى مكة . منهم حاطب فكتب بذلك حاطب إلى قوم من أهل مكة ، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء . فبعث علي بن أبي طالب والزبير والمقداد وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين ، فانطلقوا حتى وجدوا المرأة فقالوا لها : أخرجي الكتاب . فقالت : ما معي كتاب ، ففتشوا جميع رحلها فما وجدوا شيئاً فقال بعضهم : ما معها كتاب . فقال عليّ بن أبي طالب : ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذب الله ، والله لتخرجنَّ الكتاب أو لنجردنك . قالت : أعرضوا عني ، فأخرجته من قرون رأسها وضفائرها وقيل : أخرجته من حجزتها فجاؤوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لحاطب : من كتب هذا ؟ قال : أنا يا رسول الله . ولكن لا تعجل عليّ ، فوالله ما فعلت ذلك ارتداداً عن ديني ، ولا رغبة في الكفر ، ولكني كنت أمرأ ملصقاً في قريش ، ولم أكن من أنفسها ، فأحببت أن تكون لي عندهم يد يرعونني بها في قرابتي ، فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق حاطب إنه من أهل بدر ، وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . لا تقولوا لحاطب إلا خيراً . فنزلت الآية " عتاباً لحاطب وزجراً عن أن يفعل أحد مثل فعله ، وفيها مع ذلك تشريف له ، لأن الله شهد له بالإيمان في قوله يا أيها الذين آمنوا . { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } عبارة عن إيصال المودّة إليهم ، وألقى يتعدى بحرف جر وبغير حرف جر كقوله { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } [ طه : 39 ] وهذه الجملة في موضع الحال من الضمير في قوله : { لاَ تَتَّخِذُواْ } أو في موضع الصفة لأولياء أو استئناف { وَقَدْ كَفَرُواْ } حال من الضمير في { لاَ تَتَّخِذُواْ } أو في تلقون { يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } أي يخرجون الرسول ويخرجونكم : يعني إخراجهم من مكة ، فإنهم ضيقوا عليهم وآذوهم حتى خرجوا منها مهاجرين إلى المدينة ، ومنهم من خرج إلى أرض الحبشة { أَن تُؤْمِنُواْ } مفعول من أجله أي يخرجونكم من أجل إيمانكم { إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي } جواب هذا الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه وهو : لا تتخذوا ، والتقدير إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء ، وجهاداً مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله وكذلك ابتغاء .