Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-1)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } في سبب نزولها روايتان ؛ أحدهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يوماً إلى بيت زوجه حفصة بنت عمر بن الخطاب ، فوجدها قد خرجت لزيارة أبيها ، فبعث إلى جاريته مارية فجامعها في البيت ، فجاءت حفصة فقالت : يا رسول الله ما كان في نسائك أهون عليك مني . أتفعل هذا في بيتي وعلى فراشي ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم مترضياً لها : أيرضيك أن أحرمها ، قالت : نعم ، فقال : إني قد حرّمتها " . والرواية الأخرى : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على زوجه زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلاً ؛ فاتفقت عائشة وحفصة وسودة بنت زمعة على أن تقول من دنا منها : أكلت مغافير ، والمغافير صمغ العرفط ، وهو حلو كريه الريح ، ففعلن ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ولكني شربت عسلاً ، فقلن له : جرست نحله العرفط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أشربه أبداً . وكان يكره أن توجد منه رائحة كريهة ، فدخل بعد ذلك على زينب فقالت : ألا أسقيك من ذلك فقال : لا حاجة لي به ، فنزلت الآية عتاباً له على أن يضيق على نفسه بتحريم الجارية أو تحريم العسل " ، والرواية الأولى أشهر ، وعليها تكلم الناس في فقه السورة ، وقد خرج الرواية الثانية البخاري وغيره . ولنتكلم على فقه التحريم ، فأما تحريم الطعام والمال وسائر الأشياء ما عدا النساء ، فلا يلزم ، ولا شيء عليه عند مالك ، وأوجب عليه أبو حنيفة الكفارة ، وأما تحريم الأمة فإن نوى به العتق لزم ، وإن لم ينوِ به ذلك لم يلزم . وكان حكمه ما ذكرنا في الطعام . أما تحريم الزوجة فاختلف الناس فيه على أقوال كثيرة : فقال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن عباس وعائشة وغيرهم : إنما يلزم فيه كفارة يمين . وقال مالك في المشهور عنه : ثلاثة تطليقات في المدخول بها وينوي في غير المدخول بها فيحكم بما نوى من طلقة أو اثنتين أو ثلاث ، وقال ابن الماجشون ، هي ثلاث في الوجهين ، وروي عن مالك أنها طلقة بائنة ، وقيل طلقة رجعية . { تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ } أي تطلب رضا أزواجك بتحريم ما أحل الله لك ، يعني تحريمه للجارية ابتغاء رضا حفصة ، وهذا يدل على أنها نزلت في تحريم الجارية ، وأما تحريم العسل فلم يقصد فيه رضا أزواجه وإنما تركه لرائحته { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } في هذا إشارة إلى أن الله غفر له ما عاتبه عليه من التحريم ، على أن عتابه في ذلك إنما كان كرامة له ، وإنما وقع العتاب على تضييقه عليه السلام على نفسه ، وامتناعه مما كن له فيه أرب ، وبئس ما قال الزمخشري في أن هذا كان منه زلة ؛ لأنه حرّم ما أحل الله ، وذلك قلة أدب على منصب النبوة .