Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 1-4)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَنْ أَنذِرْ } و { أَنِ ٱعبُدُواْ } يحتمل أن تكون أن مفسرة أو مصدرية على تقدير بأن أنذر وبأن اعبدوا والأول أظهر { عَذَابٌ أَلِيمٌ } يحتمل أن يريد عذاب الآخرة أو الغرق الذي أصابهم { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } من هنا للتبعيض أي يغفر لكم ما فعلتم من الذنوب قبل أن تسلموا ؛ لأن الإسلام يَجُبُّ ما قبله ، ولم يضمن أن يغفر لهم ما بعد إسلامهم ، لأن ذلك في مشيئة الله تعالى ، وقيل : إن من هنا زائدة ذلك وباطل لأن من لا تزاد عند سيبويه إلا في غير الواجب . وقيل : هي لبيان الجنس ، وقيل : لابتداء الغاية ، وهذان القولان ضعيفان في المعنى ، والأول هو الصحيح لأن التبعيض فيه متجه { وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } ظاهر هذا يقتضي أنهم إن فعلوا ما أمروا به أخروا إلى أجل مسمى ؛ وإن لم يفعلوا لم يؤخروا ، وذلك يقتضي القول بالأجلين . وهو مذهب المعتزلة ، وعلى هذا حملها الزمخشري ، وأما على مذهب أهل السنة ، فهي من المشكلات ، وتأولها ابن عطية فقال : ليس للمعتزلة في الآية مجال لأن المعنى أن نوحاً عليه الصلاة والسلام لم يعلم هل هم ممن يؤخر أو ممن يعاجل ؟ ولا قال لهم : إنكم تؤخرون عن أن أجل قد حان . لكن قد سبق في الأزل إما ممن قضى له بالإيمان والتأخير أو ممن قضى له بالكفر والمعاجلة . وكان نوحاً عليه السلام قال لهم : آمنوا يظهر في الوجود أنكم ممن قضى له بالإيمان والتأخير . وإن بقيتم على كفركم يظهر في الوجود أنكم ممن قضى عليه بالكفر والمعاجلة ، فكان الاحتمال الذي يقتضيه ظاهر الآية إنما هو فيما يبرزه الغيب من حالهم ؛ إذ يمكن أن يبرز إما الإيمان والتأخير ، وإما الكفر والمعاجلة ، وأما عند الله فالحال الذي يكون منهم معلوم مقدر محتوم ، وأجلهم كذلك معلوم مقدر محتوم . { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ } هذا يقتضي أن الأجل محتوم كما قال تعالى : { إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ يونس : 49 ] وفي هذا حجة لأهل السنة وتقوية للتأويل الذي ذكرنا ، وفيه أيضاً رد على المعتزلة في قولهم بالأجلين ، ولما كان كذلك قال الزمخشري : إن ظاهر هذا مناقض لما قبله من الوعد بالتأخير إن آمنوا ، وتأول ذلك على مقتضى مذهبه بأن الأجل الذي لا يؤخر هو الأجل الثاني . وذلك أن قوم نوح قضى الله أنهم إن آمنوا عمرهم الله مثلاً ألف عام ، وإن لم يؤمنوا عمرهم تسعمائة عام فالألف عام هي التي تؤخر إذا جاءت والتسعمائة عام هي التي وعدوا بالتأخير عنها إلى الألف عام إن أمنوا .