Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 82, Ayat: 6-8)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ } خطاب لجنس بني آدم { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } هذا توبيخ وعتاب معناه : أي شيء غرّك بربك حتى كفرت به أو عصيته ، أو غفلت عنه فدخل في العتاب الكفار وعصاة المؤمنين ، ومن يغفل عن الله في بعض الأحياء من الصالحين . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ما غرّك بربك الكريم فقال : غرّه جهله وقال عمر : غرّه جهله وحمقه . وقرأ : إنه كان ظلوماً جهولاً ، وقيل : غرّه الشيطان المسلط عليه . وقيل : غرّه ستر الله عليه وقيل : غرّه طمعه في عفو الله عنه . ولا تعارض بين هذه الأقوال لأن كل واحد منهما مما يغرّ الإنسان ، إلا أن بعضها يغرّ قوماً وبعضها يغر قوماً آخرين ، فإن قيل : ما مناسبة وصفه بالكريم هنا للتوبيخ على الغرور ؟ فالجواب : أن الكريم ينبغي أن يعبد ويطاع شكراً لإحسانه ومقابلة لكرمه ، ومن لم يفعل ذلك فقد كفر النعمة وأضاع الشكر الواجب { فَعَدَلَكَ } بالتشديد والتخفيف أي عدل أعضاءك وجعلها متوازية فلم يجعل إحدى اليدين أطول من الأخرى ، ولا إحدى العينين أكبر من الأخرى ولا إحداهما كحلاء والأخرى زرقاء ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود وشبه ذلك من الموازنة { فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } المجرور يتعلق بركبك وما زائدة ، والمعنى ركبك في أي صورة شاء من الحسن والقبح ، والطول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، وغير ذلك من اختلاف الصور ، ويحتمل أن يتعلق المجرور بمحذوف تقديره : ركبك حاصلاً في أي صورة ، وقيل : يتعلق بعدلك على أن يكون بمعنى صرفك إلى أي صورة شاء ، هذا بعيد ، ولا يمكن إلا مع قراءة عدلك بالتخفيف .