Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-3)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } التطفيف في اللغة هو البخس والنقص وفسره بذلك الزمخشري واختاره ابن عطية ، وقيل : هو تجاوز الحد في زيادة أو نقصان واختاره ابن الفرس ، وهو الأظهر لأن المراد به هنا بخس حقوق الناس في المكيال والميزان ، بأن يزيد الإنسان على حقه أو ينقص من حق غيره ، وسبب نزول السورة أنه كان بالمدينة رجل يقال له أبو جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطى بالأنقص فالسورة على هذا مدنية ، وقيل مكية لذكر أساطير الأولين ، وقيل : نزل بعضها بمكة . ونزل أمر التطفيف بالمدينة ؛ إذ كانوا أشد الناس فساداً في هذا المعنى فأصلحهم الله بهذه السورة { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } معنى اكتالوا على الناس قبضوا منهم بالكيل فعلى بمعنى من وإنما أبدلت منها لما تضمن الكلام من معنى التحامل عليهم ، ويجوز أن يتعلق على الناس بيستوفون وقدم المفعول لإفادة التخصيص { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } معنى يخسرون ينقصون حقوق الناس وهو من الخسارة ، يقال : خسر الرجل وأخسره غيره إذا جعله يخسر ، وكالوهم معناه : كالوا لهم { أَوْ وَّزَنُوهُمْ } معناه وزنوا لهم ، ثم حذف حرف الجرّ فانتصب المفعول لأن هذين الفعلين يتعدى كل واحد منهما تارة بنفسه وتارة بحرف الجرّ يقال : كلتك وكلت لك ووزنتك ووزنت لك بمعنى واحد . وحذف المفعول الثاني ، وهو المكيل والموزون ، والواو التي هي ضمير الفاعل للمطففين والهاء الذي هي ضمير المفعول للناس . فالمعنى إذا كالوا أو وزنوا لهم طعاماً أو غيره مما يكال أو يوزن يخسرونهم حقوقهم ، وقيل : إن " هم " في كالوهم أو وزنوهم تأكيد للضمير الفاعل ، ورُوي عن حمزة أنه كان يقف على كالوا ووزنوا ثم يبتدئ " هم " ليبين هذا المعنى ، وهو ضعيف من وجهين ، أحدهما : أنه لم يثبت في المصحف ألف بعد الواو في كالوا ووزنوا فدلّ ذلك على أن هم ضمير المفعول . والآخر أن المعنى على هذا أن المطففين إذا تولوا الكيل أو الوزن نقصوا ، وليس ذلك بمقصود لأن الكلام واقع في الفعل لا في المباشر ، ألا ترى أن اكتالوا على الناس معناه : قبضوا منهم وكالوهم أو وزنوهم معناه : دفعوا لهم . فقابل القبض بالدفع . وأما على هذا الوجه الضعيف فهو خروج عن المقصود ، قال ابن عطية : ظاهر الآية أن الكيل والوزن على البائعين وليس ذلك بالجلي . قال : صدر الآية في المشترين ، فهم الذين يستوفون أو يشاحُّون ويطلبون الزيادة ، وقوله : وإذ كالوهم أو وزنوهم في البائعين فهم الذين يُخْسِرون المشتري .